مما ذكرته في أمر السقيفة.
وأما ثالثا، فلأن عدم الالتفات إلى تخلف سعد، والتعليل بكونه صاحب غرض لا وجه له، وإنما يصح عدم الالتفات لو علم أنه يعتقد استحقاق أبي بكر وتخلف عن البيعة للغرض. وأما إذا جوز مع كونه صاحب غرض اعتقاده عدم استحقاق أبي بكر - كما أومأت إليه - سواء اعتقد استحقاق نفسه أم لا، فلا وجه لعدم الالتفات، كما يظهر لمن تدبر في دلائل حجية الاجماع.
وأما رابعا، فلأنه يجوز أن يكون بيعة بشير بن سعد للحسد على سعد بن عبادة، كما ذكره حباب بن المنذر في السقيفة، أو طمع الوزارة الموعودة والقرب كما ذكرته لا لاعتقاده الاستحقاق.
وأما خامسا: فلأنه يجوز أن يكون بيعة الأوس لكراهتهم خلافة سعد واستيلاء الخزرج، كما نقل هذا القول عن بعضهم في حكاية السقيفة لا للاعتقاد.
وأما سادسا، فلأنه يجوز أن يكون بيعة جماعة للخوف عن فظاظة عمر، ألم تر أن سعدا مع كونه أعظم قومه بل أعظم أهل المدينة جاها يقول عمر في شأنه في وقت البيعة لما رأى القوة ببيعة جمع، مع عدم حصول الاتفاق وعدم حضور كمل الأصحاب: اقتلوه قتله الله، ثم قال: لقد هممت أن أطأك حتى يندر عضوك.
وأما سابعا، فلأن الامتناع عن البيعة الذي ظهر من سلمان وأبي ذر وطلحة وزبير وعباس وأبي سفيان وغيرهم يدل على أمرين: أحدهما علمهم بعدم استحقاق الأول للخلافة، وثانيهما كون بيعة الجماعة: إما لغرض جلب النفع، أو دفع الضرر، سواء كان ذلك الضرر احتمال إصابة بعض المكاره بعد الاستقلال أو استيلاء ما يكرهون استيلاءه أو للشبهة.
والظاهر أن بيعة أكثر العوام من هذا الباب، لا لعلمهم باستحقاق الأمر بما جرى في السقيفة، ولو لم يكن امتناعهم عن البيعة لعلمهم بالبطلان وعدم الاستحقاق لم