المؤمنين (عليه السلام) ظنا منهم أنه (عليه السلام) يقول بعدم استحقاق الأول للخلافة، وقوله بعدم الاستحقاق يدل على عدم الاستحقاق، أو لأنهم وإن كانوا عالمين بأن أمير المؤمنين (عليه السلام) عالم باستحقاق الأول للأمر لكن لما ترك البيعة للوحشة تركوها اقتفاء به (عليه السلام) في الترك، وإن لم يوجد ما دعاه (عليه السلام) إلى الترك فيهم.
والأول باطل، لأن الوحشة على وقوع الأمر على وفق الشرع المطاع أعلمهم به وعلمهم بعلم الشريف والوضيع حقية هذا الأمر، لا وجه لها، فكيف يتركون البيعة الواجبة عليهم ستة أشهر؟ ويتهمون البرئ بالغصب وأنفسهم بالعصبية؟ لدلالة الترك على أحدهما ظاهرا.
والثاني لا معنى له، لأن وضوح استحقاق الخلافة كان في مرتبة لم يخف على أوساط الناس، فكيف يخفى على بني هاشم؟ مع كونهم من كمل الصحابة وأهل العلم والتميز، فلم لم يصر عدم بيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) شبهة لغيرهم وصار شبهة لهم؟ والأقربية لا مدخل لها في الشبهة، فلم لم يعلمهم أمير المؤمنين (عليه السلام) بالاستحقاق حتى يتخلصوا عن هذا الظن، هل كانت وحشة أمير المؤمنين (عليه السلام) مانعة عن الإعلام، ولا يخفى أن ظن هذا بأمير المؤمنين (عليه السلام) من بعض الظن.
والثالث لا وجه له، لأن ترك أعاظم الصحابة المسارعة إلى الخير، بل تركهم فعل الواجب مدة متمادية لوحشة أمير المؤمنين (عليه السلام) لا معنى له، وأيضا يجب على أمير المؤمنين (عليه السلام) إذا رأى ترتب ما ترتب على تأخير بيعته من ترك بني هاشم، أن يترك الاصرار على مقتضى وحشته ويبايع حتى يبايعوا أو يأمرهم بالبيعة، ويقول رعاية البيعة هاهنا مظنة بطلان حق أبي بكر، أو عصبيتكم وتبعيتكم في مثل هذا الأمر غير محمودة بل مذمومة، اعلم أن تجويز أيسر هذه الأمور بقنبر لا معنى له أصلا، فكيف ينسبون إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)؟
اعلم أن هذا الخبر صريح في أن بيعة أبي بكر كانت على خلاف مرضات الله