شاهدة على خلاف ذلك، ألم تسمع قول عمر مع كونه معروفا بالفظاظة حين قال معاذ لما رأى جلد الحامل ما جعل الله على ما في بطنها سبيلا: لولا معاذ لهلك عمر.
وأيضا لما نفى المغالاة في المهر، قالت امرأة: يعطينا الله بقوله * (وآتيتم إحداهن قنطارا) * ويمنعنا عمر، فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال.
وغيرها مما هو مسطور في الكتب.
وفي الوجهين نظر، لأنه يمكن أن يمنع بعض العالمين به عن الإظهار الأغراض الداعية إلى الاخفاء، مثل طمع اختلاس الأمر لنفسه، أو لمن يرجو منه ما يرجوه، كما أومأنا إليه سابقا، وعدم ذكر عمر حديث الغدير حينئذ مع قوله هناك أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، مع دلالة الحديث على الإمامة، ودلالة قول عمر على فهمه منه الدلالة عليها، على ما عرفت عند شرح ذلك الحديث، شاهد على ما ذكرته.
ويمنع بعضهم الشبهة لمشاهدتهم المعتبرين مصرين على التنازع وجعل النص منسيا، فلعلهم جوزوا النسخ بما لم يعلموا، وبعضهم ضعف المدرك، وبعضهم الحيرة التي نشأت من انتقال سنة الأنبياء، ولعل بعضهم لم يقدر على المكالمة، وفي أمثال هذا المجمع لا يمكن لأكثر الناس المكالمة على وجه يقبل الناس إليهم، وهذا من الموانع العادية، كما يظهر لمن زاول المجالس العظيمة، وبعضهم لم ير مسابقته بالمكالمة لائقا، فانتظر فرصة التكلم أو سبق الآخر، وبعضهم لم ير جرأة الانفراد بالكلام في معارضة الجماعة، فلعله ينتظر المعاون والتمهيد حتى يجوز التأثير في الكلام.
فانتهز المختلسون الذين مهدوا للاختلاس، وتخلفوا عن جيش أسامة مع ما بلغهم من لعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) على المتخلف، وسمعوا قوله تعالى * (وما ينطق عن