واندفعت المفسدة الواضحة التي هي خطأ مثل تلك الجماعة الذين قتلوا العشائر والأقارب لتحصيل مرضات الله تعالى، وبذلوا الأموال والنفوس في إطاعته، وإن سلم عدم الاجماع على ما قالت الشيعة.
قلت: فيه نظر من وجوه:
أما أولا، فلأنه مع كون منع تأخير البيعة عن الطلب مكابرة صريحة، كما يدل عليه السير والأخبار دلالة قول الزهري " فلما رأى علي انصراف وجوه الناس عنه ضرع إلى مصالحة أبي بكر " ظاهرة (1) في امتناعه (عليه السلام) عن البيعة ما دام المقدرة، وقوله (عليه السلام) " فلم يمنعنا أن نبايعك " صريح فيه.
وأما ثانيا، فلأن منع كون امتناعه (عليه السلام) عن البيعة ناشئا عن اعتقاده (عليه السلام) عدم الاستحقاق لا معنى له، لأنه لو كان قائلا به وبوقوع البيعة على وجه شرعي مع ظهور احتمال ترتب المفسدة على التأخير، ولو كانت سوء الظن بالمحق كيف يجوز التأخير عنه؟
وأيضا مسارعة الصحابة في الأمر المذكور يوم السقيفة كانت دالة على نهاية اهتمامهم في أمر الخلافة الدالة على كون التأخير فيه تهاونا في عمدة الواجبات المضيقة، وبعد ما حصل الرضا وظهر الاستحقاق وأمكن البيعة، كان تعجيل البيعة واجبا أو راجحا، والوحشة عن فعل الواجب أو الراجح لا يليق بأوساط الناس، فكيف تنسبونها إليه (عليه السلام)؟ مع علمكم ببعض مراتبه، فهذا التأخير دليل قطعي على اعتقاده بعدم استحقاق الأول الكاشف عن عدم استحقاقه في الواقع لدوران الحق معه حيثما دار.
وأما ثالثا، فلأن تأخير بني هاشم أيضا كان: إما للوحشة، أو لعدم بيعة أمير