يوجب عليه تركه فيعلم بذلك كون فعله مفسدة، أو يرغبه في فعل أو ترك فيعلم كونه لطفا في مندوب، بحسن تكليفه ما هذا اللطف لطف فيه وإن جهله كذلك إذا كان متمكنا من العلم به، لكون علته مزاحمة بالتمكين وإن فرط فيما يجب عليه.
ومن شرط اللطف أن يتأخر عن التكليف ولو بزمان واحد لكونه داعيا، ولا يتقدر الدواعي إلى غير ثابت، فإن علم سبحانه في فعل من الأفعال أنه إن صاحب التكليف دعا إلى اختياره فليس ذلك بلطف، لكونه وجها وسببا لحصول التكليف (1).
فوصف هذا الجنس من الأفعال بأنه لطف اشتقاقا من التلطف للغير في إيصال المنافع إليه، ويسمى صلاحا لتأثيره وقوع الصلاح أو تقريب المكلف إليه، ويسمى استصلاحا على هذا الوجه، ويسمى منه توفيقا ما وافق وقوع الملطوف به فيه عنده.
ويسمى منه عصمة ما اختار عنده المكلف ترك القبيح على كل حال تشبيها بالمنع من الفعل، وإن كان الفعل القبيح إنما ارتفع مع اللطف باختيار المكلف ومع المنع لأجله، فساوى الحال في ارتفاع القبيح على كل وجه وإن اختلف جهتا الارتفاع، فلذلك سمي الملطوف له بهذا الضرب من اللطف معصوما، ويجوز أن يكون الوجه في التسمية بمعصوم من حيث كان مفعولا له ما امتنع معه من القبيح تشبيها بالممنوع على الوجه الذي بيناه.
ولا يلزم على هذا عصمة سائر المكلفين، لأن ما له هذه الصفة من الألطاف موقوف على ما يعلمه سبحانه من كونه مؤثرا في اختيار المكلف ما كلف فعله أو تركه، وما هذه حاله يجوز أن يختص ببعض المكلفين، ولا يكون في المعلوم