لاستحالة ما يستند إليه من المنع ورجاء النفع وخوف الضرر.
ومن صفاته: أن يكون مائلا إلى القبيح نافرا من الواجب محتاجا، لاستحالة تقدير التكليف من دون ذلك، من حيث كانت المشقة شرطا فيه، ولا مشقة من دون الميل والنفور، لأن ما يلتذ به الحي أو لا يلتذ به ولا تألم لا يشق عليه، فعلا كان أو تركا، ولأن الوجه في حسنه (1) التعريض للنفع الملتذ به، ومتى لم يكن الحي على صفة من يلتذ ببعض المدركات ويألم ببعض لم يدعه داع إلى تكلف مشقة لاجتلاب نفع أو دفع مضرة، وكونه كذلك يقتضي كونه محتاجا إلى نيل النفع ودفع الضر، فإن فرضنا غناه بالحسن عن القبيح ارتفعت المشقة التي لا يتقدر تكليف من دونها.
وليس من شرط التكليف أن يعلم المكلف أن له مكلفا، لأن التكليف الضروري ثابت من دون العلم بمكلفه سبحانه، ولأن المعرفة بالمكلف سبحانه لا وجه لوجوبها إلا تعلقها بالضروري، فلو وقف حسن التكليف على العلم بالمكلف لتعذر ثبوت شئ من التكاليف.
وليس من شرطه أن يعلم المكلف أنه مكلف، لأنا قد بينا قبح الاشتراط في تكليفه سبحانه، وقبحه يوجب القطع على تبقيته المكلف الزمان الذي يصح منه فعل ما كلف على وجه، فلو كان من شرطه أن يكون عالما بأنه مكلف لوجب أن يكون قاطعا على البقاء إلى أن يؤدي ما كلف أو يخرج وقته، وذلك يقتضي كونه مغري بالقبح أو عصمته، والاغراء لا يجوز عليه، وعصمة كل مكلف معلوم ضرورة خلافه.
ولأنا نعلم من أنفسنا وغيرنا من المكلفين أنه لا أحد منا يقطع على بقائه وقتا واحدا، بل يجوز اخترامه بعد دخول وقت التكليف وقبل تأديته العبادة وبعد