شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ٢١٣
حرف المد احترازا من نحو خافا الله وخافوا الله وخافي الله فإنه يحذف حرف المد للساكنين، وذلك لان في التقائهما مطلقا وإن حصل جميع الشرائط كلفة ما، كما ذكرنا، فإذا كان أولهما في مكان يليق به الحذف وهو آخر الكلمة كان تخفيف الكلمة بحذفه أولى، وإنما حذف الأول دون الثاني لضعفه، واشترطنا كون المدغم فيه من كلمة حرف المد إذ لو لم يكن منها لكان الادغام الذي هو شرط اغتفار اجتمع الساكنين بمعرض الزوال فلا يعتد به، فلهذا لا تقول في النون المخففة في المثنى (1) اضربان نعمان، بإدغام نون اضربان في نون نعمان، وجاز في " ها الله " في أحد الوجوه اجتماع الساكنين وإن لم يكن المدغم من كلمة حرف المد لما مر في شرح (2) الكافية، الشرط الثاني

(1) يريد أن نون التوكيد الخفيفة لا تقع بد الألف اسما كانت الألف أو حرفا، حتى لو وقع بعدها نون يمكن إدغامها فيها، لان النون التي بعدها لما كانت من كلمة أخرى كان الادغام بمعرض الزوال، فلا يعتد به فان قلت:
إنهم اغتفروا التقاء الساكنين في المؤكد بالنون الثقيلة مضارعا كان أو أمرا نحو لا تضربان واضربان يا زيدان، مع أن المدغم فيه ليس من كلمة حرف المد، إذ الألف والنون كلمتان مستقلتان، فالجواب: أنهم اغتفروه وإن لم يكن على حده للضرورة، وذلك أنهم لو حذفوا الألف كما هو القياس في التقاء الساكنين لفتحوا النون، إذ كسرها لتشبيههما بنون المثنى في وقوعها بعد الألف، ولو فتحوا النون التبس المسند إلى الاثنين بالمسند إلى الواحد، فليس مراد المؤلف أن النون الخفيفة تقع بعد الألف ولو كان بعدها نون يمكن إدغامها فيها، فاقتصر على نفى الصورة المتوهمة (2) قال في شرح الكافية (ح‍ 2 ص 32): " وإذا دخلت " ها " على الله ففيه أربعة أوجه: أكثرها إثبات ألف ها وحذف همزة الوصل من الله فيلتقي ساكنان: ألف ها، واللام الأولى من " الله "، وكان القياس حذف الألف، لان مثل ذلك إنما يغتفر في كلمة واحدة كالضالين، أما في كلمتين، فالواجب الحذف نحو ذا الله وما الله، إلا أنه لم يحذف في الأغلب ههنا ليكون كالتنبيه على كون ألف هنا من تمام ذا، فان " ها الله ذا " بحذف ألف ها ربما يوهم أن الهاء عوض عن همزة الله كهرقت في أرقت، وهياك في إياك. والثانية - وهي المتوسطة في القلة والكثرة - ها الله ذا " بحذف ألف " ها " للساكنين كما في " ذا الله " ولكونها حرفا كلا وما وذا. والثالثة - وهي دون الثانية في الكثرة -: إثبات ألف ها وقطع همزة الله مع كونها في الدرج، تنبها على أن حق ها أن يكون مع ذا بعد الله، فكأن الهمزة لم تقع في الدرج. والرابعة حكاها أبو علي - وهي أقل الجميع -: هأ لله، بحذف همزة الوصل وفتح ألف ها للساكنين بعد قلبها همزة كما في الضألين ودأبة، قال الخليل: ذا من جملة جواب القسم، وهو خبر مبتدأ محذوف: أي الامر ذا، أو فاعل: أي ليكونن ذا، أولا يكون ذا، والجواب الذي يأتي بعد نفيا أو أثباتا نحو ها الله ذا لأفعلن أولا أفعل بدل من الأول، ولا يقاس عليه، فلا يقال: ها الله أخوك: أي لأنا أخوك ونحوه وقال الأخفش: ذا من تمام القسم: إما صفة لله: أي الله الحضر الناظر، أو مبتدأ محذوف الخب ر: أي ذا قسمي، فبعد هذا: إما أن يجئ الجواب أو يحذف مع القرينة " اه‍ هذا ما يتعلق بلفظ هذه الكلمة من حيث النطق بها وإعرابها، فأما ما يتعلق بها من حيث المعنى فقد ذكر المؤلف في شرح الكافية (ح‍ 2 ص 311، 312) أن معناها القسم، ثم اختلفوا في هذه الهاء قال ما نصه: " وإذا حذف حرف القسم الأصلي: أعني الباء: فإن لم يبدل منها فالمختار النصب بفعل القسم. ويختص لفظة الله بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض، نحو الكعبة لأفعلن، والمصحف لاتين وتختص لفظة الله بتعويض " ها " أو همزة الاستفهام من الجار، وكذا يعوض من الجار فيها قطع همزة الله في الدرج، فكأنها حذفت للدرج ثم ردت عوضا من الحرف، وجار الله جعل هذه الأحرف بدلا من الواو، ولعل ذلك لاختصاصها بلفظة " الله " كالتاء، فإذا جئت بها.
التنبيه بدلا فلا بد أن تجئ بلفظة " ذا " بعد المقسم به، نحو لاها الله ذا، وإي ها الله ذا، وقوله:
تعلمن ها لعمر الله ذا قسما (فاقصد بذرعك وانظر أين تنسلك) والظاهر أن حرف التنبيه من تمام اسم الإشارة.... قدم على لفظ المقسم به عند حذف الحرف ليكون عوضا منه " اه‍
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»
الفهرست