شرح شافية ابن الحاجب - رضي الدين الأستراباذي - ج ٢ - الصفحة ١٩٣
كلامهم، لكن إذا سئلوا: كيف قياس كلامكم لو صغرتموه أو كسرتموه؟ قالوا:
كذا وكذا، ولك زيادة ياء العوض كما في التصغير.
قال " نحو تمر وحنظل وبطيخ مما يتمير واحده بالتاء ليس بمجمع على الأصح، وهو غالب في غير المصنوع، ونحو سفين ولبن وقلنس ليس بقياس، وكمأة وكم ء وجبأة وجب ء عكس تمرة وتمر ".
أقول: اعلم أن الاسم الذي يقع على القليل والكثير بلفظ المفرد فإذا قصد التنصيص على المفرد جئ فيه بالتاء، يسمى باسم الجنس، وقد ذكرنا في شرح الكافية حاله (1).

(1) صدر المؤلف رحمه الله كلامه في شرح الكافية بذكر وجوه الفرق بين الجمع واسم الجمع، وتتلخص هذه الفروق في ثلاثة أوجه: الأول أن الجمع على صيغة خاصة من صيغ معدودة معروفة، وهذه الصيغة تغاير صيغة المفرد:
إما ظهورا وإما تقديرا، فالمغايرة الظاهرة: إما بالحركات كأسد وأسد ونمر ونمر، وإما بالحروف كرجال وكتب، والمغايرة المقدرة كهحان وفلك، ومن المغايرة الظاهرة الجمع السالم مذكرا أو مؤنثا، والثاني أن للجمع واحدا من لفظه وليس لاسم الجمع واحد من لفظه، بل له واحد من معناه، فواحد الإبل بعير أو ناقة، وواحد الغنم شاة، والثالث أن الجمع يرد إلى واحده في النسب مطلقا وفى التصغير إن كان جمع كثرة، وأما اسم الجمع فلا يرد، لأنه إما أن لا يكون له واحد حتى يرد إليه، وإما أن يكون له واحد لكن لا يصح الرد إليه لان اسم الجمع لم يكن على صيغة من صيغ الجمع فهو كالمفرد في اللفظ ثم قال في بيان اسم الجنس والفرق بينه وبين الجمع واسم الجمع ما نصه: " ويخرج عن الجمع أيضا اسم الجنس: أي الذي يكون الفرق بينه وبين مفرده: إما بالتاء نحو تمرة وتمر، أو بالياء نحو رومي وروم، وذلك لأنها لا تدل على آحاد، إذ اللفظ لم يوضع للآحاد، بل وضع لما فيه الماهية المعينة سواء كان واحدا أو مثنى أو جمعا، ولو سلمنا الدلالة عليها فإنه لا يدل عليها بتغيير حروف مفرده فان قيل: أليس آحاده أخذت وغيرت حروفها بحذف التاء أو الياء؟ قلت:
ليس ذو التاء ولا ذو الياء مفردين لاسم الجنس للأوجه الثلاثة المذكورة في اسم الجمع، ونزيد عليه أن اسم الجنس يقع على القليل والكثير، فيقع التمر على التمرة والتمرتين والتمرات، وكذا الروم، فان أكلت تمرة أو تمرتين وعاملت روميا أو روميين جاز لك أن تقول: أكلت التمر وعاملت الروم، ولو كانا جمعين لم يجز ذلك كما لا يقع رجال على رجل ولا رجلين، بلى قد يكون بعض أسماء الأجناس مما اشتهر في معنى الجمع فلا يطلق على الواحد والاثنين وذلك بحسب الاستعمال لا بالوضع كلفظ الكليم، وعند الأخفش جميع أسماء الجموع التي لها آحاد من تركيبها كجامل وباقر وركب جمع خلافا لسيبويه، وعند الفراء كل ما له واحد من تركيبه سواء كان اسم جمع كباقر وركب أو اسم جنس كتمر وروم فهو جمع، وإلا فلا، وأما اسم الجمع واسم الجنس اللذان ليس لهما واحد من لفظهما فليسا بجمع اتفاقا نحو إبل وتراب، وإنما لم يجئ لمثل تراب وخل مفرد بالتاء إذ ليس له فرد متميز عن غيره كالتفاح والتمر والجوز والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس - مع اشتراكهما في أنهما ليسا على أوزان جموع التكسير لا الخاصة بالجمع كأفعلة وأفعال ولا المشهورة فيه كفعلة نحو نسوة - أن اسم الجمع لا يقع على الواحد والاثنين بخلاف اسم الجنس، وأن الفرق بين واحد اسم الجنس وبينه فيما له واحد متميز: إما بالياء وإما بالتاء، بخلاف اسم الجمع " اه‍ والحاصل أن الجمع يكون البتة دالا على الجماعة، ويكون البتة على صيغة من صيغ الجموع المعروفة في باب الجمع، ويكون البتة مغايرا في اللفظ أو التقدير لمفرده، ويكون له مفرد من لفظه غالبا، وأما اسم الجمع فهو البتة دال على الجماعة ولا يجوز استعماله في الوحد ولا في الاثنين، وليس له واحد من لفظه غالبا، بل له واحد من معناه، فإن كان له واحد من لفظه فرق بين الواحد وبينه بغير الياء والتاء، وهو البتة لا يكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، وأما اسم الجنس الجمعي فإنه ليس مختصا بالدلالة على الجماعة من حيث الوضع بل هو من حيث ذلك صالح للواحد والاثنين والأكثر، لان وضعه لما توجد فيه الماهية كما قال المؤلف، فلا يحتاج إلى الفرق بينه وبين الجمع ولا اسم الجمع من حيث الوضع، لان معناهما مختلف، فان عرض بسبب الاستعمال تخصيصه بالدلالة على الجماعة كان الفرق بينه وبين الجمع من ثلاثة أوجه: الأول أن اسم الجنس ليس على وزن من أوزان الجموع غالبا، والثاني أنه يفرق بينه وبين واحده بالتاء أو الياء لا غير بخلاف الجمع، والثالث أن اسم الجنس مذكر والجمع مؤنث، والفرق بين اسم الجمع واسم الجنس من وجهين: الأول أن اسم الجنس لابد أن يكون له واحد من لفظه بخلاف اسم الجمع فقد يكون له واحد من لفظه وقد لا يكون، والثاني أن الفرق بين اسم الجنس وواحده لا يكون إلا بالياء أو التاء بخلاف اسم الجمع ومن اسم الجنس نوع يسمى اسم الجنس الافرادي، وهذا لا يعرض له بالاستعمال التخصيص بالكثير فلا يحتاج إلى الفرق بينه وبين الجمع واسمه بقي أنه قد يقال: إن من الجموع مالا واحد له من لفظه كعباديد وشماطيط وعبابيد فما الفرق بين هذا النوع من الجموع وبين أسماء الجموع التي ليس لها آحاد من لفظها؟ والجواب حينئذ أن هذه الجموع التي ذكرت وما أشبهها لابد أن تكون على وزن من أوزان الجموع المعروفة، أما اسم الجمع فلا يكون كذلك البتة
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»
الفهرست