ويسقط به اعتراض من اعترض بأن تعريف الموصول إذا كان بصلته، وهي جملة، فهلا تعرفت النكرة الموصوفة بها في نحو: جاءني رجل ضربته، لأن المعرف حاصل 1، فكان ينبغي ألا يكون في قولك: لقيت من ضربته، فرق بين كون (من) موصولة، وموصوفة، وذلك لأنا نقول، كما سبق، إن تعريف الموصول بوضعه معرفة مشارا به إلى المعهود بين المتكلم والمخاطب بمضمون صلته، فمعنى قولك لقيت من ضربته، إذا كانت (من) موصولة: لقيت الإنسان المعهود بكونه مضروبا لك، فهي موضوعة على أن تكون معرفة بصلتها، وأما إذا جعلتها موصوفة، فكأنك قلت: لقيت إنسانا مضروبا لك، فإنه وإن حصل لقولك: إنسانا، تخصيص بمضروبية المخاطب، لكنه ليس تخصيصا وضعيا، لأن (إنسانا) موضوع لإنسان لا تخصيص فيه، بخلاف: الذي، ومن، الموصولة، فان وضعهما على أن يتخصصا بمضمون صلتهما، والفرق بين المعرفة والنكرة المخصصة، أن تخصيص المعرفة وضعي، وهو المراد بالتعريف عندهم، وليس المراد به مطلق التخصيص، ألا ترى أنك قد تخصص النكرة بوصف لا يشاركها فيه شئ آخر، مع أنها لا تسمى بذلك معرفة، لكونه غير وضعي، كما تقول:
رأيت رجلا سلم عليك اليوم وحدة قبل كل أحد، وكذا قولك: إني أعبد إلها خلق السماوات والأرض، ونحو ذلك، فإن قيل: إن الجمل نكرات، فكيف تعرف الموصولات وتخصصها؟ قلت: لا نسلم تنكير الجمل، كما تقدم في تقدم في باب الوصف ولو سلمنا أيضا فالمخصص في الحقيقة تقييد الموصول بالصلة، كما أن (رجل)، و (طويل)، لا تخصيص في كل واحد منهما على