فلما رآني قال لي: يا فضل. فقلت: لبيك. فقال: جئتني بابن عمي. قلت:
نعم.
قال: لا تكون أزعجته؟ فقلت: لا. قال: لا تكون أعلمته أني عليه غضبان؟ فإني قد هيجت على نفسي ما لم أرده، إئذن له بالدخول، فأذنت له.
فلما رآه وثب إليه قائما وعانقه، وقال له: مرحبا بابن عمي وأخي، ووارث نعمتي، ثم أجلسه على فخذه وقال له: ما الذي قطعك عن زيارتنا؟ فقال:
سعة ملكك وحبك للدنيا.
فقال: ائتوني بحقة الغالية (1)، فأتي بها فغلفه بيده، ثم أمر أن يحمل بين يديه خلع وبدرتان دنانير.
فقال موسى بن جعفر (عليه السلام): والله لولا أني أرى من أزوجه بها من عزاب بني أبي طالب لئلا ينقطع نسله أبدا، ما قبلتها. ثم تولى (عليه السلام) وهو يقول: الحمد لله رب العالمين.
فقال الفضل: يا أمير المؤمنين، أردت أن تعاقبه، فخلعت عليه وأكرمته!
فقال لي: يا فضل، إنك لما مضيت لتجيئني به، رأيت أقواما قد أحدقوا بداري، بأيديهم حراب قد غرسوها في أصل الدار يقولون: إن آذى ابن رسول الله خسفنا به، وإن أحسن إليه انصرفنا عنه وتركناه.
فتبعته (عليه السلام) فقلت له: ما الذي قلت حتى كفيت أمر الرشيد؟ فقال: دعاء جدي علي بن أبي طالب (عليه السلام)، كان إذا دعا به ما برز إلى عسكر إلا هزمه، ولا إلى فارس إلا قهره، وهو دعاء كفاية البلاء.