2 - وروى الصدوق بإسناده عن عبد الله بن الفضل، عن أبيه الفضل، قال:
كنت أحجب الرشيد، فأقبل علي يوما غضبانا وبيده سيف يقلبه، فقال لي:
يا فضل، بقرابتي من رسول الله (صلى الله عليه وآله) لئن لم تأتني بابن عمي لآخذن الذي فيه عيناك. فقلت: بمن أجيئك؟ فقال: بهذا الحجازي. قلت: وأي الحجازيين؟ قال:
موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. قال الفضل:
فخفت من الله عز وجل إن جئت به إليه، ثم فكرت في النقمة، فقلت له: أفعل.
فقال: ائتني بسوطين وهصارين وجلادين.
قال: فأتيته بذلك، ومضيت إلى منزل أبي إبراهيم موسى بن جعفر (عليه السلام)، فأتيت إلى خربة فيها كوخ من جرائد النخل، فإذا أنا بغلام أسود، فقلت له: استأذن لي على مولاك يرحمك الله، فقال لي: لج (1)؛ ليس له حاجب ولا بواب. فولجت إليه، فإذا أنا بغلام أسود بيده مقص يأخذ اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده، فقلت له: السلام عليك يا بن رسول الله، أجب الرشيد.
فقال: ما للرشيد وما لي؟ أما تشغله نعمته عني؟ ثم قام مسرعا، وهو يقول: لولا أني سمعت في خبر عن جدي رسول الله (صلى الله عليه وآله): " إن طاعة السلطان للتقية واجبة "، إذن ما جئت.
فقلت له: استعد للعقوبة يا أبا إبراهيم رحمك الله. فقال (عليه السلام): أليس معي من يملك الدنيا والآخرة، ولن يقدر اليوم على سوء بي إن شاء الله.
قال الفضل بن الربيع: فرأيته وقد أدار يده يلوح بها على رأسه ثلاث مرات.
فدخلت إلى الرشيد، فإذا هو كأنه امرأة ثكلى قائم حيران.