وقال: أجيبا أمير المؤمنين. فأقبلا كأنهما قمرا أفق، قد قاربا خطاهما، وضربا ببصرهما الأرض حتى وقفا على أبيهما، فسلما عليه بالخلافة، وأومأ إليهما، فدنيا منه، فأجلس محمدا عن يمينه، وعبد الله عن شماله.
إلى أن قال: فضمهما إلى صدره، وسبقته عبرته حتى تحدرت دموعه، ثم أذن لهما، حتى إذا نهضا وخرجا قال: كيف بكم إذا ظهر تعاديهما وبدا تباغضهما، ووقع بأسهما بينهما حتى تسفك الدماء، ويود كثير من الأحياء أنهم كانوا موتى؟
فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا شيء قضى به المنجمون عند مولدهما، أو شيء أثرته العلماء في أمرهما؟ قال: بل شيء أثرته العلماء عن الأوصياء عن الأنبياء في أمرهما. قالوا: فكان المأمون يقول في خلافته: قد كان الرشيد سمع جميع ما جرى بيننا من موسى بن جعفر بن محمد، فلذلك قال ما قال (1).
11 - عن محمد بن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) قبل أن يحمل إلى العراق بسنة، وعلي (عليه السلام) ابنه بين يديه، فقال لي: يا محمد، قلت:
لبيك. قال: إنه ستكون في هذه السنة حركة، فلا تجزع منها، ثم أطرق ونكت الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلي وهو يقول: (ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) (2).
قلت: وما ذاك جعلت فداك؟ قال: من ظلم ابني هذا حقه وجحد إمامته