تطوف حواليه (مراد) وكلهم * على رقية من سائل ومسول فان أنتم لم تثاروا بأخيكم * فكونوا بغايا أرضيت بقليل (1) وعلق الدكتور يوسف خليف على هذه الأبيات بقول: " واللحن هنا تأثر عنيف، والتعبير فيه قوى صريح بل تصل فيه الصراحة إلى درجة الجرأة، وشجع الشاعر على هذه الجرأة أنه كان في مامن من بطش الأمويين لأنه استطاع أن يخفي اسمه، حتى أصبح شخصا مختلفا فيه عند بعض الرواة، ومجهولا تماما عند بعضهم، وهو في هذا اللحن لا يتحدث عن الحسين، ولا عن السياسة، وانما كل حرصه أن يثير روح العصبية القبلية في نفوس اليمنية ليثأروا لقتيلهم وهو - من أجل هذا - أغفل متعمدا من غير شك ذكر محمد من الأشعث اليمني، ولم يذكر إلا أسماء بن خارجة الفزاري على أنه هو المسؤول عن دم هانئ مع أن كليهما كان رسول ابن زياد إليه، ولكن الشاعر حرص على أن يغفل ذكر ابن الأشعث حتى لا يثير فتنة أو انقساما بين اليمنية، وهو في أشد الحاجة إلى أن يوحد صفوفهم حتى يدركوا ثأرهم، واعتمد الشاعر في قصيدته على هذه الصورة المفزعة التي رسمها للقتيلين اللذين هشم السيف وجه أحدهما والقى بالآخر من أعلى القصر، واللذين أصبحا أحاديث للناس في كل مكان. وهو حريص في هذه الصورة على أن يعرض للناس منظرين رهيبين يثيران في نفوسهم كل عواطف الحزن والسخط والانتقام، منظر هذين الجسدين وقد
(٣٧٩)