ولم يخنف على هانئ هذا المنطق الرخيص، فهو يعلم أن السلطة إذا ظفرت بمسلم فسوف تنكل به، ولا تدعه حيا وان ذلك يعود عليه بالعار والخزي ان سلم ضيفه وافد آل محمد فريسة لهم قائلا:
" بلى والله علي في ذلك أعظم العار أن يكون مسلم في جواري وضيفي وهو رسول ابن بنت رسول الله (ص) وأنا حي صحيح الساعدين كثير الأعوان، والله لو لم أكن إلا وحدي لما سلمته أبدا ".
وحفل هذا الكلام بمنطق الأحرار الذين يهبون حياتهم للمثل العليا ولا يخضعون لما يخل بشرفهم.
ولما يئس الباهلي من اقناع هانئ انطلق نحو ابن زياد فقال له:
" أيها الأمير قد أبى ان يسلم مسلما أو يقتل " (1).
وصاح الطاغية بهانئ:
" أتأتيني به أو لأضربن عنقك " فلم يعبأ به هانئ وقال:
" اذن تكثر البارقة حولك " فثار الطاغية وانتفخت أوداجه وقال:
" والهفا عليك أبالبارقة تخوفني " (2) وصاح بغلامه مهران وقال: خذه، فاخذ بضفيرتي هانئ، وأخذ ابن زياد القضيب فاستعرض به وجهه، وضربه ضربا عنيفا حتى كسر أنفه ونثر لحم خديه وجبينه على لحيته حتى تحطم القضيب وسالت الدماء على ثيابه، وعمد هانئ إلى قائم سيف شرطي محاولا اختطافه ليدافع به عن نفسه فمنعه منه، فصاح بن ابن زياد: