تحول مسلم إلى دار هانئ:
واضطر مسلم إلى تغيير مقره، وإحاطة نشاطه السياسي بكثير من السر والكتمان، فقد شعر بالخطر الذي داهمه حينما قد الطاغية إلى الكوفة فهو يعلم بخبث هذا الوغد، وانه لا يرجو لله وقارا ولا يتحرج من اقتراف الاثم، وقد أجمع أمره على مغادرة دار المختار لأنه لم تكن عنده قوة تحميه ولم يكن يأوي إلى ركن شديد، فالتجأ إلى دار هانئ بن عروة فهو سيد المصر وزعيم مراد، وعنده من القوة ما يضمن حماية الثورة والتغلب على الاحداث، فقد كان فيما يقول المؤرخون: إذا ركب يركب معه أربعة آلاف دارع وثمانية آلاف راجل، فإذا اجابتها احلافها من كندة وغيرها كان في ثلاثين الف دارع (1) كما كانت له ألطاف وأياد بيضاء على أسرته مما جعلتهم يكنون له أعمق الود والاخلاص، ومضى مسلم إلى دار هذا الزعيم العربي الكبير فرحب به، واستقبله بحفاوة بالغة، وتنص بعض المصادر (2) انه قد ثقل على هانئ استجارة مسلم به، وعظم عليه أن يتخذ داره معقلا للثورة، ومركزا للتجمعات ضد الدولة، فإنه بذلك يعرض نفسه للنقمة والبلاء الا أنه استجاب لمسلم على كره خضوعا للعادات العربية التي لا تطرد اللاجئ إليها، وان عانت من ذلك أعظم المصاعب والمشاكل.. والذي نراه انه لا صحة لذلك فان مسلما لو شعر منه عدم الرضا، والقبول لما ركن إليه، وتخرج كاشد ما يكون التحرج من دخول داره وذلك لما توفرت في مسلم من الطاقات التربوية الدينية، وما عرف به من الشمم والإباء الذي يبعده كل البعد من