من ذلك قوله: ليس العاقل الذي يعرف الخير من الشر، ولكنه الذي يعرف خير الشرين. وروى ابن عساكر عن عمرو بن العاص أنه قال يوما لمعاوية: إن الكريم يصول إذا جاع، واللئيم يصول إذا شبع.
فسد خصاصة (حاجة) الكريم وأقمع اللئيم.
وروى عن هشام الكلبي قال: معاوية لعمر بن العاص: من أبلغ الناس؟ قال: من كان رأيه رادا لهواه. قال: فمن أسخى الناس؟ قال:
من بذل دنياه في صلاح دينه. قال: فمن أشجع الناس؟ فقال: من رد جهله بحلمه. إ ه.
ومن غرر أقواله ما رواه صاحب كتاب سراج الملوك وهو: موت ألف من العلية أقل ضررا من ارتفاع واحد من السفلة. وما رواه المبرد (ص 28) أن عمرو بن العاص قال لمعاوية حين وصف عبد الملك بن مروان: أخذ بثلاث. تارك لثلاث. أخذ بقلوب الرجال إذا حدث، وبحسن الاستماع إذا حدث، وبأيسر الأمرين عليه إذا خولف، تارك للمراء، تارك لمقاربة اللئيم. تارك لما يعتذر منه كقوله:
فقلت له تجنب كل شئ * يعاب عليك إن الحر حر وقوله وقد نظر على بغلة قد شمط وجهها هرما فقيل له:
أتركب هذه وأنت أمير مصر؟ فأجاب: لا ملل عندي لدابتي ما حملتني ولا لامرأتي ما أحسنت عشرتي ولا لصديقي ما حفظ سري. إن الملل من كواذب الأخلاق. وقوله: إذا أنا أفشيت سري إلى صديقي فأذاعه فهو في حل، فقيل له: وكيف ذاك؟ قال: أنا كنت أحق بصيانته (1).