أرى علل الدنيا علي كثيرة * وصاحبها حتى الممات عليل لكل اجتماع من خليلين فرقة * وإن بقائي عندكم لقليل وإن افتقادي فاطما بعد أحمد * دليل على أن لا يدوم خليل (1) قال الفاضل المجلسي: روي أنها ما زالت بعد أبيها معصبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، وتقول لولديها: أين أبوكما الذي كان يكرمكما ويحملكما مرة بعد مرة، أين أبوكما الذي كان أشد الناس شفقة عليكما فلا يدعكما تمشيان على الأرض، ولا أراه يفتح هذا الباب أبدا، ولا يحملكما على عاتقه كما لم يزل يفعل بكما.
ثم مرضت ومكثت أربعين ليلة، ثم دعت أم أيمن، وأسماء بنت عميس، وعليا، وأوصت إلى علي (عليه السلام) بثلاث: أن يتزوج امامة لحبها أولادها، وأن يتخذ نعشا لها لأنها كانت رأت الملائكة تصوروا صورته وصفته لها، وأن لا يشهد أحد جنازتها ممن ظلمها، وأن لا يترك أن يصلي عليها أحد منهم (2).
وروي انه جاء أبو بكر وعمر في حالات مرضها يعودانها فلم تأذن لهما، فجاءا ثانية من الغد فأقسم عليها أمير المؤمنين (عليه السلام) أن تأذن لهما - وقد طلب أبو بكر إلى أسماء بنت عميس أيضا أن تستأذن له على فاطمة (عليها السلام) يترضاها - فأذنت لهما، فدخلا عليها فسلما فردت ضعيفا (3).
وفي رواية انها ولت وجهها الكريم إلى الحائط، فلما دخلا وسلما لم ترد عليهما، فأقبل أبو بكر يعتذر إليها ويقول: إرضي عني يا بنت رسول الله، فقالت: يا عتيق حملت الناس على رقابنا، اخرج فوالله ما كلمتك أبدا حتى ألقى الله ورسوله فأشكوك إليهما، ثم قالت لهما: سألتكما بالله الذي لا إله إلا هو أسمعتما يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقي: من آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد