قوسين أو أدنى، قال: فلم تجبها، فكشفت عن وجهها فإذا بها قد فارقت الدنيا، فوقعت عليها تقبلها وهي تقول: فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله (صلى الله عليه وآله) فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام.
فبينا هي كذلك إذ دخل الحسن والحسين (عليهما السلام) فقالا: يا أسماء لا تنام امنا في هذه الساعة، قالت: يا بني رسول الله ليست أمكما نائمة قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن (عليه السلام) يقبلها مرة ويقول: يا أماه كلميني قبل أن تفارق روحي بدني، قالت: وأقبل الحسين (عليه السلام) يقبل رجلها ويقول: يا أماه أنا ابنك الحسين كلميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت، قالت لهما أسماء: يا بني رسول الله انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما.
فخرجا حتى إذا كان قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهما جميع الصحابة فقالوا: ما يبكيكما يا بني رسول الله؟ لا أبكى الله عينكما، لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما (صلى الله عليه وآله) فبكيتما شوقا إليه، فقالا: أو ليس قد ماتت امنا فاطمة، قال: فوقع علي (عليه السلام) على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟ كنت بك أتعزى ففيم العزاء من بعدك؟ ثم قال:
لكل اجتماع من خليلين فرقة * فكل الذي دون الفراق قليل وان افتقادي واحدا بعد واحد * دليل على أن لا يدوم خليل ثم قال (عليه السلام): يا أسماء غسليها وحنطيها وكفنيها، ففعلوا كذلك وصلوا عليها ليلا ودفنوها بالبقيع، وماتت بعد العصر (1).
وفي الكشف عن ابن عباس قال: مرضت فاطمة (عليها السلام) مرضا شديدا فقالت لأسماء بنت عميس: ألا ترين إلى ما بلغت، فلا تحمليني على سرير ظاهر، فقالت: لا لعمري ولكن أصنع نعشا كما رأيت يصنع بالحبشة، قالت: فأرينيه، فأرسلت إلى جرائد رطبة فقطعت من الأسوق، ثم جعلت على السرير نعشا، وهو أول ما كان النعش، فتبسمت وما رأيت متبسمة إلا يومئذ، ثم حملناها فدفناها