إنهما قد آذياني فأنا أشكوهما إليك وإلى رسولك، لا والله لا أرضى عنكما أبدا حتى ألقى أبي رسول الله وأخبره بما صنعتما فيكون هو الحاكم فيكما، قال: فعند ذلك دعا أبو بكر بالويل والثبور وجزع جزعا شديدا، فقال عمر: تجزع يا خليفة رسول الله من قول امرأة.
قال: فبقيت فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة أبيها أربعين ليلة، فلما اشتد بها الأمر دعت عليا (عليه السلام) وقالت: يا ابن عم ما أراني إلا لما بي وأنا أوصيك أن تتزوج بامامة بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي، واتخذ لي نعشا فإني رأيت الملائكة يصفونه لي، وأن لا يشهد أحد من أعداء الله جنازتي ولا دفني ولا الصلاة علي.
قال ابن عباس: فقبضت فاطمة (عليها السلام) من يومها، فارتجت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فأقبل أبو بكر وعمر يعزيان عليا (عليه السلام) ويقولان له:
يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله، فلما كان الليل دعا علي العباس، والفضل، والمقداد، وسلمان، وأبا ذر، وعمار، فقدم العباس وصلى عليها ودفنوها.
فلما أصبح الناس أقبل أبو بكر وعمر والناس يريدون الصلاة على فاطمة (عليها السلام)، فقال المقداد: قد دفنا فاطمة البارحة، فالتفت عمر إلى أبي بكر فقال: ألم أقل لك انهم سيفعلون، قال العباس: إنها أوصت أن لا تصليا عليها، فقال عمر: لا تتركون يا بني هاشم حسدكم القديم لنا أبدا، إن هذه الضغائن التي في صدوركم لن تذهب والله، لقد هممت أن أنبشها فأصلي عليها.
فقال علي (عليه السلام): والله لو رمت ذاك يا ابن صهاك لا رجعت إليك يمينك، لئن سللت سيفي لا أغمدته دون ارهاق نفسك، فانكسر عمر وسكت وعلم أن عليا إذا حلف صدق، ثم قال علي (عليه السلام): يا عمر ألست الذي هم بك رسول الله وأرسل إلي فجئت متقلدا سيفي، ثم أقبلت نحوك لأقتلك، فأنزل الله