أكشفه عنها، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهرة، ثم حنطتها من فضلة حنوط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكفنتها وأدرجتها في أكفانها، فلما هممت أن أعقد الرداء ناديت: يا أم كلثوم، يا زينب، يا سكينة، يا فضة، يا حسن، يا حسين هلموا تزودوا من أمكم فهذا الفراق واللقاء في الجنة.
فأقبل الحسن والحسين (عليهما السلام) وهما يناديان: وا حسرة لا تنطفئ أبدا من فقد جدنا محمد المصطفى وامنا فاطمة الزهراء، يا أم الحسن ويا أم الحسين إذا لقيت جدنا محمد المصطفى فاقرأيه منا السلام وقولي له: إنا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): إني اشهد الله انها قد حنت وأنت ومدت يديها وضمتهما إلى صدرها مليا، وإذا بهاتف من السماء ينادي: يا أبا الحسن إرفعهما عنها فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب، قال: فرفعتهما عن صدرها وجعلت أعقد الرداء وأنا أنشد بهذه الأبيات:
فراقك أعظم الأشيا عندي * وفقدك فاطم أدهى الثكول سأبكي حسرة وأنوح شجوا * على خل مضى أسنى سبيل ألا يا عين جودي واسعديني * فحزني دائم أبكي خليلي ثم حملها على يده وأقبل بها إلى قبر أبيها ونادى: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا نور الله، السلام عليك يا صفوة الله مني السلام عليك والتحية واصلة مني إليك، ومن ولديك، ومن ابنتك النازلة عليك بفنائك، وان الوديعة قد استردت، والرهينة قد اخذت، فوا حزناه على الرسول ثم من بعده على البتول، ولقد اسودت علي الغبراء، وقعدت عني الخضراء، فوا حزناه ثم وا أسفاه.
ثم عدل بها إلى الروضة فصلى عليها في أهله ومواليه وأصحابه وأحبائه وطائفة من المهاجرين والأنصار، فلما واراها وألحدها في لحدها أنشأ بهذه الأبيات يقول: