الروح الأمين، والطبين (1) بأمور الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟ نقموا والله منه نكير سيفه، وقلة مبالاته لحتفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته (2)، وتنمره في ذات الله.
وتالله لو مالوا عن المحجة اللائحة، وزالوا عن قبول الحجة الواضحة، لردهم إليها، وحملهم عليها، ولسار بهم سيرا سجحا (3)، لا يكلم (4) حشاشه، ولا يكل سائره، ولا يمل راكبه، ولأوردهم منهلا نميرا صافيا رويا، تطفح (5) ضفتاه (6) ولا يترنق (7) جانباه، ولأصدرهم بطانا، ونصح لهم سرا واعلانا، ولم يكن يحلى من الغنى بطائل، ولا يخطي من الدنيا بنائل، غير ري الناهل (8)، وشبعة الكافل، ولبان لهم الزاهد من الراغب والصادق من الكاذب، ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين.
ألا هلم فاستمع وما عشت أراك الدهر عجبا، وإن تعجب فعجب قولهم، ليت شعري إلى أي سناد استندوا؟! وإلى أي عماد اعتمدوا؟! وبأية عروة تمسكوا؟!
وعلى أية ذرية أقدموا واحتنكوا؟! لبئس المولى ولبئس العشير وبئس للظالمين بدلا، إستبدلوا والله الذنابي (9) بالقوادم، والعجز بالكاهل (10)، فرغما لمعاطس قوم يحسبون انهم يحسنون صنعا، ألا انهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون، ويحهم