عن عاتقه، والعمامة عن رأسه، وحل أزراره، وأقبل حتى أخذ رأسها وتركه في حجره، وناداها: يا زهراء فلم تكلمه، فناداها: يا بنت محمد المصطفى فلم تكلمه، فناداها: يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه وبذلها على الفقراء فلم تكلمه، فناداها: يا بنت من صلى بالملائكة في السماء مثنى مثنى فلم تكلمه، فناداها: يا فاطمة كلميني فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب.
قال: ففتحت عينيها في وجهه ونظرت إليه وبكت وبكى وقال: ما الذي تجدينه فأنا ابن عمك علي بن أبي طالب؟ فقالت: يا ابن العم اني أجد الموت الذي لابد منه ولا محيص عنه، وأنا أعلم انك بعدي لا تصبر على قلة التزويج، فإن أنت تزوجت امرأة اجعل لها يوما وليلة واجعل لأولادي يوما وليلة، يا أبا الحسن ولا تصح في وجوههما فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين، فإنهما بالأمس فقدا جدهما واليوم يفقدان أمهما، فالويل لامة تقتلهما وتبغضهما، ثم أنشأت تقول:
ابكني إن بكيت يا خير هادي * واسبل الدمع فهو يوم الفراق يا قرين البتول أوصيك بالنسل * فقد أصبحا حليف اشتياق ابكني وابك لليتامى ولا تنس * قتيل العدى بطف العراق فارقوني فأصبحوا يتامى حيارى * يخلف الله فهو يوم الفراق قالت: فقال لها علي (عليه السلام): من أين لك يا بنت رسول الله هذا الخبر، والوحي قد انقطع عنا؟ فقالت: يا أبا الحسن رقدت الساعة فرأيت حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله) في قصر من الدر الأبيض، فلما رآني قال: هلمي إلي يا بنية فإني إليك مشتاق، فقلت: والله اني لأشد شوقا منك إلى لقائك، فقال: أنت الليلة عندي، وهو الصادق لما وعد والموفي لما عاهد، فإذا أنت قرأت يس فاعلم اني قد قضيت نحبي فغسلني ولا تكشف عني فإني طاهرة مطهرة، وليصل علي معك من أهلي الأدنى فالأدنى، ومن رزق أجري، وادفني ليلا في قبري، بهذا أخبرني حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال علي (عليه السلام): والله لقد أخذت في أمرها، وغسلتها في قميصها ولم