تجيبيني من مسألة أسألك، فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطعام حتى آتيك وأنت مثابة مأجورة.
فافترقنا في الطواف، فلما فرغت من الطواف وأردت الرجوع إلى منزلي جعلت طريقي على سوق الطعام، وإذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس، فأقبلت عليها واعتزلت بها وأهديت إليها هدية، ولم اعتقد انها صدقة، ثم قلت لها: يا فضة أخبريني عن فاطمة الزهراء مولاتك، وما الذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمد (صلى الله عليه وآله)؟!.
قال ورقة: فلما سمعت كلامي تغرغرت عيناها بالدموع، ثم انتحبت نادبة وقالت: يا ورقة بن عبد الله هيجت علي حزنا ساكنا، وأشجانا في فؤادي كانت كامنة، فاسمع الآن ما شاهدت منها.
اعلم أنه لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله) افتجع له الصغير والكبير، وكثر عليه البكاء، وقل العزاء، وعظم رزءه على الأقرباء والأصحاب، والأولياء والأحباب، والغرباء والأنساب، ولم تلق إلا كل باك وباكية ونادب ونادبة، ولم يكن في أهل الأرض والأصحاب والأقرباء والأحباب أشد حزنا، وأعظم بكاء وانتحابا من مولاتي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وكان حزنها يتجدد ويزيد وبكاؤها يشتد.
فجلست سبعة أيام لا يهدئ لها أنين، ولا يسكن منها الحنين، وكل يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأول، فلما كان في اليوم الثامن أبدت ما كتمت من الحزن فلم تطق صبرا إذ خرجت [وصرخت] (1)، فكأنها من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله) تنطق، فتبادرت النسوان، وخرجت الولائد والولدان، وضج الناس بالبكاء والنحيب، وجاء الناس من كل مكان، وأطفئت المصابيح لكيلا تتبين صفحات النساء، وخيل إلى النسوان ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد قام من