في سبيل الله قرينة على كونها فيء المسلمين، وهو مردود بالإجماع والآية.
وظاهر الحال انه أنكر ذلك دفعا لصحة النحلة، ولم يعلم أن تلك الدعوى منافرة لطلب أبي بكر منها الشهود على النحلة، وادعى بعضهم الإجماع على أن الصرف المذكور إنما كان على سبيل التبرع والحسبة، لا لأنها صدقة مطلقة، وقد مر عدم الإشكال في أنها كانت خاصة برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد أعطاها لفاطمة (عليها السلام) وأقبضها إياها، وكانت في تصرف وكيلها.
وقد ادعتها فاطمة (عليها السلام) بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله) على وجه الاستحقاق، وشهد المعصوم وغيره بذلك، فإن كانت الهبة قبل القبض تبطل بموت الواهب كما هو المشهور فقد ثبت القبض، وإلا فلا حاجة إليه في إثبات المدعى.
وقد مر من الأخبار الدالة على نحلتها وانها كانت في يدها ما يزيد على كفاية المنصف بل يسد إنكار المتعسف، ويدل على ذلك أيضا ما ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام) في كتابه إلى عثمان بن حنيف حيث قال: (بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس آخرين) (1).
وحينئذ فكيف كان أبو بكر يطلب البينة من المتصرف المنكر، وإنما كانت البينة وظيفة أبي بكر، ومن القواعد الضرورية الشرعية الواضحة عند جميع أهل الملة التي يحكم على منكرها بالكفر والضلالة أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وفي بعض الروايات انه في مجلس دعوى العطية تمسك أولا برواية نفي توريث الأنبياء - على ما مرت غير مرة - فلما تمسكت فاطمة (عليها السلام) بالآيات الدالة على توريث الأنبياء ردا له عدل إلى طلب البينة، فبعد كون قول أبي بكر مردودا حينئذ في نفي التوريث وثبوت الإرث، فلم يكن معنى لطلب البينة إذ كان فدك حينئذ لفاطمة (عليها السلام) إما إرثا أو عطية، فكان على أبي بكر - على