فمعناه على الاستعمال الأول هو الإيصال، وعلى الأخيرين الاراءة، لكن ينتقض الأول أيضا بقوله تعالى: ﴿وأما ثمود فهديناهم﴾ (١) و (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (٢) و ﴿هديناه النجدين﴾ (٣) إلى غير ذلك.
والثاني بقوله تعالى: ﴿إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء﴾ (4)، مع أن معنى الهداية هنا بالنسبة إلى الله هي الدلالة الموصلة المختصة بمن أدركه التوفيق، وإلا فالله تعالى يهدي كل أحد إلى صراط مستقيم.
والحق جواز استعمال كل في كل إلا ان الغالب استعمال المتعدي بلا واسطة في الدلالة الموصلة للمناسبة اللفظية، والمتعدي بالحرف في الإراءة، مع كون الغالب في الإراءة من قرب هو التعدية باللام، ومن بعد التعدية ب (إلى).
والمعنى ان النبي (صلى الله عليه وآله) قام بالهداية، وهدى الناس إلى الطريقة الحقة من بعد، لكون الحال حالة صدر الإسلام، والناس معتكفون حينئذ عن عبادة الأصنام، بل هم فرق مختلفون تائهون في بيداء الضلالة، هائمون في حيرة الجهالة، فلم تكن الهداية في أول الحالة إلا بحيث كأنهم كانوا ينادون من مكان بعيد، فناداهم إلى الدين القويم الذي لا عوج له، ودعاهم كذلك إلى الطريقة المستقيمة التي من سلكها وصل إلى الحقيقة، والمراد من الدين الشريعة، وقد مر إلى تفصيل معناه اللغوي الإشارة فيما مر.
و (الصراط المستقيم) - بالصاد وهي اللغة الفصيحة - هو الطريق المستوي عن الإعوجاج، والسراط والزراط لغتان في الصراط.
وذكروا على سبيل القاعدة الكلية انه إذا وقعت في الكلمة بعد السين بمرتبة أو أكثر حرف من حروف حطقخ (أي الحاء، والطاء، والقاف، والخاء) جاز في السين