بتشديد اللام وتخفيفها أي كشفه، فيجوز الوجهان في الفقرة الشريفة أيضا، وجلا فلان عن الوطن أي انكشف وزال عنه إلى مكان آخر.
و (الغمم) جمع غمة كظلم وظلمة، يقال: أمر غمة أي مبهم ملتبس، قال تعالى:
﴿لا يكن أمركم عليكم غمة﴾ (1).
قال أبو عبيدة: مجازها ظلمة وضيق (2) وتقول: غممت الشيء إذا غطيته وسترته، قيل في معنى الآية أي لا يكن قصدكم إلى إهلاكي مستورا عليكم، وليكن مشهورا مكشوفا تجاهرونني فيه.
والغمة أيضا السترة من غمه يغمه ستره، ومنه الحديث: (لا غمة في فرائض الله) (3) أي لا تستروها ولكن تجاهروا فيها، وبمعنى الكربة أيضا لأنها أي الكربة تستر القلب، أو سروره، أو حلمه، ويقال: هو في غمة أي حيرة.
والمغموم: المهموم المكروب، والغمام: السحاب لأنه يستر وجه السماء، والأغم من ليس لرأسه نزعة، لكون الشعر ساترا لجميع أطراف رأسه إلى الجبينين والجبهة، وهو دليل البلادة، واغتم فلان هو إفتعل من الغم، وغم علينا الهلال إذا حال دون رؤيته غيم.
وروي (عماها) بدل غممها هنا، وهو عدم البصر عما من شأنه البصر، وهو أنسب بالنسبة إلى الأبصار، وإن لم يناسب سجع الكلام في المضمار.
وهذه الفقرات الثلاث ناظرة إلى الفقرات الثلاث الأول باللف والنشر المرتب، فإنارة الظلم ناظرة إلى العكوف على النيران، وفيه إشارة إلى أن ذلك وإن كان في الظاهر عكوفا على النيران المنيرة، إلا أنه كان عكوفا على الظلمات المعنوية، وملازمة لظلمة الضلالة، فأنار النبي (صلى الله عليه وآله) تلك الظلم.
وكشف البهم عن القلوب ناظر إلى عبادة الأوثان، فإن تلك العبادة لا تكون