من كان في الدنيا أعمى القلب عن الحق فلا يرى في الآخرة طريق النجاة.
وعمى الخبر: خفى كأنه لم يهتد إلى سبيل الظهور، ومنه قوله تعالى: ﴿فعميت عليهم الأنباء يومئذ﴾ (١) وأعميته إعماء: أخفيته، والعماء - بالفتح والمد - السحاب، و (من) في قولها (عليها السلام): (من العماية) بمعنى عن، متعلق بقولها (عليها السلام): (بصرهم) بتضمين معنى الإنجاء والتخليص ونحو ذلك.
والفقرات الثلاث ناظرة إلى الفقرات السابقة أيضا باللف والنشر المرتب، فالقيام بالهداية ناظرة إلى إنارة الظلم، والإنقاذ من الغواية إلى كشف البهم عن القلوب، والتبصير عن العماية إلى جلاء الغمم عن الأبصار، (فاعتبروا يا أولي الأبصار).
قولها (عليها السلام): ((وهداهم إلى الدين القويم... الخ)).
الهداية قيل: هي الدلالة الموصلة إلى المطلوب، وقيل: هي إراءة الطريق الموصلة إليه، والأول يستلزم الوصول إلى المطلوب بخلاف الثاني، والأول منقوض بقوله تعالى: ﴿وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى﴾ (٢) والثاني بقوله تعالى: ﴿إنك لا تهدي من أحببت﴾ (٣) مع أن شأن النبي (صلى الله عليه وآله) إراءة الطريق.
ونقل عن ظاهر حاشية التفتازاني على الكشاف: ان الهداية لفظ مشترك بين المعنيين فلا نقض، ومحصل كلامه فيها ان الهداية تتعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه كقوله تعالى: (إهدنا الصراط المستقيم) وتارة باللام نحو قوله تعالى: ﴿إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم﴾ (٤) وتارة ب (إلى) نحو قوله تعالى: ﴿والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم﴾ (5).