قالت (عليها السلام):
((ثم قبضه الله إليه قبض رأفة واختيار ورغبة وإيثار، فمحمد (صلى الله عليه وآله) في راحة عن تعب هذه الدار، موضوعا عنه أعباء الأوزار، ومحفوفا بالملائكة الأبرار، ورضوان الرب الغفار، ومجاورة الملك الجبار صلى الله وعلى أبي نبيه وأمينه على الوحي، وصفيه وخيرته من الخلق ورضيه، والسلام عليه ورحمة الله وبركاته)).
بيان:
(قبضت) الشيء قبضا - من باب ضرب - أخذته، ولعل منه قولهم: قبضه الله بمعنى أماته أي قبض روحه وأخذها من جسمه، فصار بمعنى أماته فهو مقبوض أي مميت مقبوض الروح.
وهذا المعنى هو المراد من الفقرة، بل أصل القبض خلاف البسط، فمعنى الأخذ أيضا متفرع منه وهكذا معنى الإمساك، كما في قوله تعالى: ﴿يقبضون أيديهم﴾ (١) أي يمسكونها عن الصدقة والخير، والتضييق في قوله تعالى: ﴿والله يقبض ويبصط﴾ (٢) أي يضيق على قوم ويوسع على قوم.
وفي الخبر: (ما من قبض ولا بسط إلا ولله فيه مشية وابتلاء) (٣) قيل: المراد من القبض والبسط الألم والفرح سواء كان بطريق ظلم أحد أم لا، وهو في قبضته أي ملكه، فإن الملك مقبوض بالقبض المعنوي.
والقبضة - بفتح القاف وضمها أيضا - ملء الكف من الشيء مقبوضا عليه الأصابع بجميع الكف، ومنه قوله تعالى: ﴿فقبضت قبضة من أثر الرسول﴾ (4) أي