علقك من ريحه) (١).
والداري رب النعم لأنه مقيم في داره، والدائرة: الهزيمة يقال: (عليهم دائرة السوء)، وقيل: الدائرة الدولة بالنصر والغلبة، أو بمعنى ما يسوء الشخص من دوائر الدهر والزمان أي صروفه التي تدور وتحيط بالإنسان مرة بخير ومرة بشر.
ودير النصارى معبد زهادهم، أصله الواو والجمع أديار، والديراني صاحب الدير، وأصل جميع ذلك من دار يدور إذا طاف وأحاط وكذا استدار يستدير على الشيء وإليه إذا طاف حوله، وعاد إلى الموضع الذي ابتدأ منه.
وبالجملة فدار القرار هي الآخرة كما قال تعالى: ﴿وإن الآخرة هي دار القرار﴾ (2) إذ لا انتقال منها إلى دار أخرى بعدها، وليس وراء عبادان قرية، بخلاف دار الدنيا فإنها دار فناء وزوال ودثور واضمحلال.
وفي بعض النسخ: (بمحمد عن تعب هذه الدار) فيكون الظرف متعلقا بالإيثار بتضمين معنى الضنة ونحوها، وفي بعض النسخ: (محمد في راحة عن تعب هذه الدار) بدون الفاء والباء، فالجملة استينافية أو مؤكدة للفقرة السابقة، أو حالية بتقدير الواو.
وفي رواية كشف الغمة: (رغبة بمحمد عن تعب هذه الدار) (3)، وفي رواية أحمد بن أبي طاهر: (بأبي عزت هذه الدار) والمراد بالدار حينئذ دار القرار، وفي بعض النسخ: (فمحمد عن تعب هذه الدار في راحة في الدار الآخرة).
و (الراحة) والروح من الاستراحة عن التعب، وهي زوال الاعياء والكلال، وبمعنى السعة أيضا، والمراح والمستراح محل الاستراحة، وأراحه إراحة وروحه تروحيا جعله مستريحا، ومنه قولهم: إن الأرواح تكل كما تكل الأبدان فروحوها بالحكمة.