أي كما أخرجهم يثبتهم على هذا الإخراج، ومثله الكلام في يخرجونهم، أو يخرجهم في كل آن عما يأتي كما في ما مضى من الآنات، أي كما أخرجهم في الماضي يخرجهم في الآتي، أو كما أخرجهم في الدنيا يخرجهم في الآخرة، أو كما أخرجهم ظاهرا يخرجهم باطنا، أو كما أخرجهم قولا يخرجهم فعلا أو اعتقادا، أو كما أخرجهم علما يخرجهم عملا.
أو يخرج المؤمن من ظلمة الدنيا إلى نور البرزخ والآخرة، والكافر من نور الدنيا إلى ظلمة البرزخ والآخرة، فإن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، أو يخرج المؤمن من ظلمة الجهل والذنوب إلى نور الهدى والمغفرة، والكافر من نور الفطرة إلى ظلمة فساد استعداد الطبيعة والطينة، أو يخرج المؤمن من ظلمات الذنوب كما في الخبر إلى نور التوبة بولايتهم كل إمام عادل، والمنافق من نور الإسلام إلى ظلمات الكفر لتوليهم كل إمام جائر، فأوجب الله لهم النار مع الكفار.
قال الراوي: قلت للصادق (عليه السلام): أليس الله عنى بهذا الكفار؟ قال (عليه السلام): وأي نور للكافر وهو كافر فاخرج منه إلى الظلمات (1).
والإخراج في كل من المؤمن والكافر يقتضي إما أن يكون المؤمن في الظلمة فيخرج إلى النور، والكافر بالعكس، أو يكون في كل منهما جهتان جهة نور وجهة ظلمة، والمراد في بعض الوجوه الأول كما ظهر صحته مما مر، وفي بعضها الثاني، وذلك لأن لكل شئ جهتين: جهة من ربه، وجهة من نفسه، والأولى نور والثانية ظلمة، أو جهة وجود وماهية، والوجود نور والماهية ظلمة.
أو فيه جهة عقلانية وجهة نفسانية، أو جهة قدرة على الخير، وجهة قدرة على الشر، أو جهة ملكية وجهة شيطانية، أو جهة توحيد وهي فطرة الله التي فطر الناس عليها، وجهة إشراك وهي جهة المخالفة، أو جهة نور وجهة ظلمة شأنا لا فعلا.
* * *