والنكرة - بكسر الكاف - ككلمة مع وجوهها المعروفة خلاف المعرفة المعنوية واللفظية.
والمناكرة: المحاربة، وفي حديث أبي سفيان قال: (إن محمدا لم يناكر أحدا قط إلا كانت معه الأهوال) (1) أي لم يحارب، لأن كل واحد من المتحاربين يناكر الآخر أي يداهنه ويخادعه، والأهوال المخاوف والشدائد، وهذا كقوله (صلى الله عليه وآله): (نصرت بالرعب) (2).
ولما كانت المخادعة مستلزمة للمناكرة أطلق المناكرة على المخادعة، فيطلق بذلك النكراء والنكرة على الدهاء والشيطنة، كما قال علي (عليه السلام): العقل ما عبد به الرحمان واكتسب به الجنان، قيل: وعقل معاوية؟ قال (عليه السلام): ليس ذلك بعقل وانما هي نكراء وشيطنة (3)، فيقال: ما أنكره أي ما أدهاه.
والفقرة الأولى من هذه الفقرات المبينة لاختلاف الفرق في أديانها إشارة إلى عبدة النار، والثانية إلى عبدة الأصنام، والثالثة جامعة بينهما، ومثبتة لصفة الإنكار لهما مع إثبات العرفان فيهما مبالغة في الإنكار عليهما، أو ان الثالثة إشارة إلى فرقة أخرى وهي الملاحدة النافية للصانع، أو الدهريون أو الطبيعيون، وإن قيل إنه لا نافي للصانع بالمرة، وانما الخلاف في موضوع المسألة، وان النافي بالمرة يقول أيضا بان الله هو الدهر والطبيعة.
وأما عبدة النار فكان أسلافهم يعبدون النار لكونها جرما مضيئا نورانيا هو مظهر نورية الله تعالى، والدنيا والآخرة قائمتان بجهة النورية وجودية وغير وجودية، والله تعالى نور والملائكة أنوار، وكذلك الأنبياء والأولياء والصديقون