وقال بعض الأفاضل: في معنى إهدنا وجوه، مثل أن يكون معناه ثبتنا على الدين، لأن الله تعالى قد هدى الخلق كلهم إلا ان الإنسان قد يزل، وترد عليه الخواطر الفاسدة، فيحسن أن يسأل الله تعالى أن يثبته على دينه، ويديمه عليه، أو ان المراد زيادة الهدى بمقتضى قوله تعالى: ﴿والذين اهتدوا زادهم هدى﴾ (١) وهذا كما يقول القائل لغيره وهو يأكل: كل.
أو المراد من الهداية هي الثواب، لقوله تعالى: ﴿يهديهم ربهم بإيمانهم﴾ (٢) فصار معناه إهدنا إلى طريق الجنة ثوابا، ويؤيده قوله: ﴿الحمد لله الذي هدانا لهذا﴾ (٣).
أو المراد دلنا على الدين الحق في مستقبل العمر كما دللتنا عليه في الماضي، ويجوز الدعاء بالشيء الذي يكون حاصلا، كقوله: ﴿قال رب احكم بالحق﴾ (٤) أو إن الدعاء عبادة وفيه إظهار الانقطاع إلى الله سبحانه.
واما انه ما معنى مسألة ذلك وقد فعله الله، فقيل: إنه قد يكون لنا في الدعاء به مصلحة في ديننا، وهذا كما ترى تعبدنا بتكرار التسبيح والتحميد، والإقرار لربنا بالتوحيد، وإن كنا معتقدين لجميع ذلك، ويجوز أن يكون الله يعلم أن الأشياء الكثيرة تكون أصلح لنا إذا سألناه، وإذا لم نسأله لا تكون مصلحة، ويجوز أن يكون المراد إستمرار التكليف والتعريض للثواب، لأن إدامته ليست بواجبة بل هو تفضل محض، فجاز أن يرغب فيه بالدعاء، إنتهى ملخصا. وبعض هذه الوجوه المذكورة داخل فيما ذكرنا.
ثم إن أكثر الوجوه التي مرت إليها الإشارة مع بعض وجوه اخر تجري في قوله تعالى: ﴿الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات﴾ (5).