الكيف، كما أنه لا أين له تعالى وهو أين الأين، أو يفرض ان لله تعالى أيضا في نفسه كيفية لكن لا كالكيفيات، والمنفي انما هي الكيفية الخلقية لا الخالقية، كما يقال: إنه تعالى شئ لا كالأشياء، وجوهر لا كالجواهر.
أو المراد هو الكيفية الموجودة للعناوين العالية، والمبادي البادية التي هي الهادية إليه والدالة عليه، كما ورد: إن الله تعالى لا يأسف كأسفنا، وإنما خلق قلوبا اختارها لنفسه، وجعل أسفها أسفه، في قوله: ﴿فلما أسفونا انتقمنا منهم﴾ (١) (٢)، فيقال: إنه تعالى خلق لنفسه عناوين هي مظاهره، فجعل صفتها صفته، وكيفيتها كيفيته، فتأمل.
قولها (عليها السلام): ((ابتدع الأشياء لا من شئ كان قبلها، وأنشأها بلا احتذاء أمثلة امتثلها)).
إبتدع الأشياء أي أحدثها، قال تعالى: ﴿ورهبانية ابتدعوها﴾ (3) أي أحدثوها من عند أنفسهم، فيكون ابتدعها بمعنى أبدعها، فيكون ابتدع مبالغة أبدع، وقد مر معنى الإبداع والفرق بينه وبين الاختراع، والابتداء، والإبداء، والإنشاء، فراجع.
والأشياء جمع الشيء، والشيء ما صح أن يعلم ويخبر عنه، قال المفسرون:
وهو أعم عام يجري على الجسم والعرض والقديم والحادث، تقول: شئ لا كالأشياء أي معلوم لا كسائر المعلومات، وعلى المعدوم والمحال.
قالوا: إن قلت: كيف قيل إنه تعالى على كل شئ قدير، وفي الأشياء ما لا تعلق به للقادر كالمستحيل وفعل قادر آخر؟ قلنا: مشروط في حد القادر أن لا يكون الفعل مستحيلا، فالمستحيل مستثنى في نفسه عند ذكر القادر على الأشياء كلها، فكأنه قال: إنه على كل شئ مستقيم مستقدر قدير.
وقال في مجمع البيان: الشيء ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، قال سيبويه: وهو