والله تعالى خالقا لا فاعلا، وليس في الأخبار ما ينافي ما ذكرنا بل كلها منطبقة على ما قررنا.
وقد بسطنا الكلام في المقام في كتاب (الأصول المهمة) الذي صنفناه في أصول الدين، ومن أراد التفصيل فليراجع ثمة حتى يتبدل شكه باليقين.
و (الإجزال) من الجزيل بمعنى العظيم، يقال: عطاء جزل وجزيل، وأجزلت لهم في العطاء أي أكثرت، وأجزلهم نصيبا أي أكثرهم وأوفرهم، وأجزل الله عليهم العطاء أي وسعه.
وأصل الجزل من جزل الحطب جزالة أي عظم وغلظ، ثم استعير للعطاء الكثير والأمر الخطير، ومنه الجزل للعاقل الكريم والجزيل للشيء الأفضل الحسن للاشتمال على العظم الصوري أو المعنوي، ورأي جزيل أي حسن، ويجيء بمعنى التام الكامل أيضا، وقال في النهاية: وكلام جزل أي قوي شديد (1).
وقولها (عليها السلام): (واستحمد إلى الخلائق بإجزالها) أي طلب منهم الحمد بسبب إجزال النعم وإكمالها عليهم، أو أن إجزال النعم كأنه طلب الحمد منهم، وعلى التقديرين التعدية بإلى لتضمين معنى الانتهاء أو التوجه، وهذه التعدية في الحمد شائعة، ويجوز أن يكون استحمد بمعنى تحمد، يقال: فلان يتحمد علي أي يمتن علي، فيكون إلى بمعنى على وهو بعيد.
وفي الأخبار: اما بعد فإني أحمد إليك الله، أو أحمد الله إليك، أي منهيا حمدي أو موجها له إليك، وفي المجمع: إن إلى هنا بمعنى مع، أي أحمد معك وأحمد إليك نعمة الله بتحديثك إياه (2)، وهو قد أخذ هذين المعنيين من النهاية.
و (الثناء) بالكسر والمد أن يفعل الشيء مرتين، وقيل بالكسر والقصر الأمر يعاد مرتين، ومنه التثنية للاثنين، والاثناء جمع الثني بالكسر فالسكون بمعنى العطف، فالاثناء بمعنى أوساط أعطاف الثوب وهي معاطيفه وتضاعيفه.