رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل وكتبوا صحيفة وعهودا ومواثيق، لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا حتى يسلموه للقتل، فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين، واشتد عليهم البلاء والجهد، وفي لفظ: فحصروا بني هاشم في شعب أبي طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من تنبوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان رأس ثلاث سنين تلاوم رجال من بني عبد مناف ومن بني قصي ورجال سواهم من قريش قد ولدتهم نساء من بني هاشم، ورأوا أنهم قد قطعوا الرحم، وأجمعوا أمرهم من ليلتهم على نقض ما تعاهدوا عليه من الغدر والبراءة منه وبعث الله تعالى على صحيفهم الأرضة فأكلت كل ما كان فيها من عهد وميثاق، وكانت معلقة في سقف البيت، فلحست كل ما كان فيها من عهد وميثاق، فلم تترك فيها اسما لله الا لحسته وبقي ما كان فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم.
وفي لفظ: فأكلت ما كان فيها من جور وظلم وبقي ما فيها من ذكر الله تعالى.
وفي لفظ: فأرسل الله تعالى على الصحيفة دابة فأكلت كل شئ فيها الا اسم الله.
وفي لفظ: الا باسمك اللهم، واطلع الله تعالى نبيه على الذي صنع بصحيفتهم.
وفي لفظ: ثم أطلع الله تعالى رسوله على أمر صحيفتهم، وأن الأرضة قد أكلت ما فيها من جور وظلم وبغي، وبقي ما كان فيها من ذكر الله تعالى، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب، فقال أبو طالب: لا والثواقب، ما كذبني فانطلق يمشي بعصابة من بني عبد المطلب حتى أتى المسجد، وهو حافل من قريش فلما رأوهم عامرين بجماعتهم أنكروا ذلك، وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء، فأتوا ليعطوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم أبو طالب، فقال: قد حدثت أمور بينكم لم نذكرها لكم فأتوا بصحيفتكم التي تعاهدتم عليها، فلعله أن يكون بيننا وبينكم صلح، وانما قال ذلك خشية أن ينظروا في الصحيفة قبل أن يأتوا بها، فأتوا بصحيفتهم معجبين بها لا يشكون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدفوعا إليهم، فوضعوها بينهم قال أبو طالب: انما أتيتكم لأعطيكم أمرا لكم فيه نصف، أن ابن أخي قد أخبرني ان الله تعالى برئ من هذه الصحيفة التي في أيديكم، ومحا منها كل اسم هو له فيها وترك فيها غدركم، وقطيعتكم إيانا، وتظاهركم علينا بالظلم، فإن كان ما قال ابن أخي كما قال فأفيقوا فوالله، لا يسلم ابدا حتى نموت من عند آخرنا، وإن كان باطلا رفعناه إليكم فقتلتم أو استحييتم، قالوا: قد رضينا أبا لذي تقول، ففتحوا الصحيفة فوجدوا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قد أخبر خبرها، فلما رأتها قريش كالذي قال: قالوا: والله إن كان هذا قط الا سحر من صاحبكم! فقال: أولئك النفر: ان الأولى بالكذب والسحر غيرنا فانا نعلم أن الذي اجتمعتم عليه من قطيعتنا أقرب إلى الجبت والسحر، ولولا أنكم اجتمعتم على السحر لم تفسد صحيفتكم، وهي بأيديكم طمس الله تعالى ما كان فيها