الثاني: ان ما وقع من سبه ودعائه ونحو ذلك ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله لغير واحد (تربت يمينك) (وعقرى حلقي) ومثل (لا كبرت سنك) وفي حديث معاوية (ولا أشبع الله بطنك) ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء، فخاف صلى الله عليه وسلم ان يصادف شئ من ذلك إجابة، فسأل الله - سبحانه وتعالى - ورغب إليه أن يجعل ذلك رحمة، وكفارة، وقربة، وطهورا، وأجرا، وانما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا ولا منتقما لنفسه، وقد قيل: ادع على دوس فقال: (اللهم اهد دوسا)، وقال: (اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون).
وهذا ذكره أيضا المازري، وأشار القاضي إلى ترجيحه، وقال الحافظ: وهو حسن، الا أنه يرد عليه قوله في إحدى الروايات أو جلدته إذ يقع الجلد عن غير قصد، وقد ساق الجميع مساقا واحدا، الا أن يحمل على الجلدة الواحدة فيتجه.
الثلاثون: وبجواز الوصية لاله قطعا، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب في الأصح، وفي غير آله خلاف والصحيح الصحة، وفي وجه: لا يصح لابهام اللفظ وتردده بين القرابة وأهل الدين وغيرهما في الشرع.
فالخصوصية على وجه.
الحادية والثلاثون: وبجواز القبلة له وهو صائم من غير كراهة، وفي حق غيره فيمن لم تتحرك شهوته، وأما من حركت شهوته فحرام في حقه في الأصح.
قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - وأيكم كان يملك اربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك اربه.
الثانية والثلاثون: وبأن له أن يستثني في يمينه ولو بعد حين إذا كان ناسيا بخلاف غيره، فإنه لا يستثني الا في صلب يمينه.
روى الطبراني عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - في قوله تبارك وتعالى: (واذكر ربك إذا نسبت) (الكهف / 24) الاستثناء، فاستثن إذا نسيت، وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة.
الثالثة والثلاثون: قيل وبأنه كان يفجأ في طعامه ويؤكل منه معه بخلاف غيره للنهي عنه. ذكره ابن القاص والقضاعي، ولم يوافقا على ذلك.
روى البيهقي عن جابر - رضي الله تعالى عنه - أنه قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما من شعب الجبل، وقد قضى حاجته، وبين أيدينا تمر على ترس أو جفنة فدعوناه إليه فأكل معنا، وما مس ماء).