شيئا كثيرا فقسمه في المسلمين، وكان شعار المسلمين في هذه الغزاة (يا منصور أمت) وسبى أمير المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار، فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وآله فاصطفاها لنفسه، فجاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله بعد ذلك فقال:
يا رسول الله ان ابنتي لا تسبى انها امرأة كريمة؟ قال: اذهب فخيرها، قال:
لقد أحسنت وأجملت فاختارت الله ورسوله، فأعتقها رسول الله وجعلها في جملة أزواجه.
(فصل) قال: وتلا هذه الغزاة غزاة الحديبية، وكان أمير المؤمنين الذي كتب بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وبين سهيل بن عمرو حين ضرع إلى الصلح عند ما رأى توجه الامر عليهم، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أكتب يا علي بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل: هذا كتاب بيننا وبينك فافتتحه بما نعرفه واكتب باسمك اللهم فقال صلى الله عليه وآله: امح ما كتبت فقال أمير المؤمنين: لولا طاعتك لما محوتها فمحاها، وكتب باسمك اللهم.
فقال له النبي صلى الله عليه وآله: اكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وآله سهيل بن عمرو، فقال سهيل: لو أجبتك في الكتاب الذي بيننا وبينك إلى هذا لأقررت بالنبوة امح هذا واكتب، اسمك فقال علي: والله انه لرسول الله على رغم أنفك، فقال سهيل: اكتب اسمه يمضى الشرط، فقال علي: ويلك يا سهيل كف عن عنادك فقال صلى الله عليه وآله: امحها يا علي، فقال: إن يدي لا تنطلق بمحو اسمك من النبوة، قال: فضع يدي عليها فمحاها صلى الله عليه وآله وقال لأمير المؤمنين انك ستدعى إلى مثلها فتجيب على مضض وتمم الكتاب وكان نظام تدبير هذه الغزاة بيد أمير المؤمنين عليه السلام، وحقن الله دماء المسلمين.
وقد روى الناس له في هذه الغزاة فضيلتين اقترنتا بفضائله العظام ومناقبه الجسام.