قال: ثم قال علي عليه السلام: يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا فقر أشد من الجهل، ولا مال أعود من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا مظاهرة أوثق من المشاورة، ولا عقل كالتدبير، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف، ولا عبادة كالتفكر، ولا إيمان كالحياء والصبر (1) وآفة الحديث الكذب، وآفة العلم النسيان، وآفة الحلم السفه، وآفة العبادة الفترة، وآفة الظرف الصلف (2) وآفة الشجاعة البغي، وآفة السماحة المن، وآفة الجمال الخيلاء، وآفة الحسب الفخر.
يا بني لا تستخفن برجل تراه أبدا (3) فإن كان أكبر منك فعد أنه أبوك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان أصغر منك فاحسبه أنه ابنك.
[قال ابن عساكر:] فهذا ما سأل علي بن أبي طالب ابنه الحسن عن أشياء من المروءة وأجابه الحسن واللفظ لرواية ابن كادش وزاد: قال: قال القاضي أبو الفرج: في هذا الخبر من جوابات الحسن أباه عما ساءله عنه من الحكمة وجزيل الفائدة ما ينتفع به من راعاه وحفظه ووعاه وعمل به، وأدب نفسه بالعمل عليه وهداها بالرجوع إليه (4) وتتوفر فائدته بالوقوف عنده، وفيما رواه في أضعافه أمير المؤمنين رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم مالا غنى بكل لبيب عليم ومدره حكيم [ظ] عن حفظه وتأمله، والمسعود من هدي لتقبله، والمحدود من وفق لامتثاله وتقبله (5).