إلى أمير المؤمنين بأسرع وقت. وقد توفي يزيد قبل وصول الرسالة إلى أمير المؤمنين عمر. فطالع عمر الرسالة فاضطرب لها وسأل الرسول: هل تركته حيا حتى أرسل له الجواب. فقال الرسول: أطال الله عمرك يا أمير المؤمنين، لقد كان في حالة الاحتضار فقال عمر: عفى الله عن يزيد. لقد كان شخصا فاضلا ولم تكن له في الدنيا رغبة وقد جعل همه في تحصيل أمر الآخرة. وحينئذ استدعى أبا سفيان وأخبره بما جرى. فاغتم أبو سفيان وتأسف كثيرا، ثم قال: إنا لله وإنا إليه راجعون. ثم سأل أمير المؤمنين. ما رأيك بالشخص الذي سترسله إلى الشام، فقال عمر:
سأرسل ولدك الآخر معاوية (1) فسر أبو سفيان بذلك ودعا لأمير المؤمنين وقال: لقد وصلت الرحم ثم عاد أبو سفيان إلى منزله وأخبر زوجته هند بوفاة يزيد. فصاحت ولطمت وجهها وبكت كثيرا وقالت: ليت معاوية وعتبة ماتا بدل يزيد فقال لها أبو سفيان: لا تجزعي وقولي: إنا لله وإنا إليه راجعون.
وقد تلطف أمير المؤمنين وعين ابنك الآخر معاوية واليا على الشام فهدأت هند وقالت: لقد وصل أمير المؤمنين الرحم ولتكن إمارة الشام مباركة على معاوية، ثم كتب أمير المؤمنين رسالة إلى معاوية بهذا المضمون.
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله عمر أمير المؤمنين. أما بعد:
اعلم يا معاوية بأن الله تعالى قد أعز الاسلام وأذل المشركين وصدق وعده.
وأخبر أمة نبيه بفتح بلاد الشام وغيرها وبشرنا بتملك خزائنهم وأموالهم وقد حصل ذلك فعلا. وخاصة مدينة قيسارية الشهيرة. بحصانتها كما أخضع لنا الروم وأما الان فيجب أن تتم الفتوح في عسقلان (2) وغزة وتوابعهما لان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه ستكون في الشام فتوح وإني أبشرك بفتح هاتين البلدتين غزة وعسقلان، كما أن الرسول عليه السلام أخبر بأنه متى اشتعلت نار الفتنة في المشرق والمغرب وتعذرت الإقامة فعليكم بعسقلان وما فوقها. فإذا وقفت على رسالتي هذه، انطلق إلى