ثم سار خالد من تدمر حتى صار إلى ثنية العقاب (1) لان راية خالد كانت سوداء وكان يقال لها العقاب (2)، قال: فلما أشرف خالد من الثنية نظر المسلمون إلى رايتهم وهم نزول في مرج دمشق فقالوا: والله! هذه العقاب راية خالد بن الوليد، فاستقبلوه، ثم إنهم دخلوا مدينة دمشق فحصنوا فيها، وأقبل خالد حتى نزل الدير الذي يقال له دير خالد وبه يعرف إلى يومنا هذا، ويقال إنه على ميل من دمشق مما يلي الباب الشرقي.
قال: ثم دعا خالد بن الوليد بيزيد بن أبي سفيان فضم إليه خمسة آلاف رجل ووجه به إلى البلقاء (3) فقال: اذهب وانزل بإزاء العدو وحارب من قدرت، وإن خفت من العدو أمرا من الأمور فاكتب إلي بذلك حتى أمدك بخيل ورجال إن شاء الله، ثم دعا بعمرو بن العاص فضم إليه خمسة آلاف رجل ووجهه إلى فلسطين ثم أوصاه بما أوصى به يزيد بن أبي سفيان، ثم دعا بشرحبيل بن حسنة فضم إليه ثلاثة آلاف فارس ووجه به إلى بصري، ودعا معاذ بن جبل فضم إليه ألفي فارس ووجه به إلى بعلبك، ودعا خالد بن سعيد بن العاص فضم إليه أربعة آلاف فارس ووجه به إلى حمص، ودعا سعيد بن عامر بن جديم (4) فضم إليه ثلاثة آلاف فارس ووجه به إلى حوران (5) قال: ففرق خالد بن الوليد خيله بأرض الشام في اثني وعشرين ألفا وبقي هو وأبو عبيدة بن الجراح بغوطة دمشق في خمسة عشر ألفا من المسلمين، ثم رتب الجواسيس في أرض الشام ليتجسس عن أخبار الروم، قال: فبينما هو كذلك إذا بجاسوس قد أقبل فقال: أيها الأمير! الحذر الحذر! ضم إليك أطرافك، واكتب إلى أمرائك في النواحي أن يحذروا الروم فإنهم قد اجتمعوا بموضع يقال له أجنادين (6)