وقرأه، فلما رأى أنه ولاه على أبي عبيدة بن الجراح وعلى جميع أجناد الشام من المسلمين فرح لذلك وطابت نفسه، ثم قال: إذ قد ولاني الشام فالشام عوض من العراق، قال: فتكلم بشر بن ثور العجلي - وكان من أشراف بني عجل وفرسان بني بكر بن وائل [ومن رؤوس أصحاب المثنى بن حارثة] (2) - فقال: لا والله أصلح الله الأمير! ليس الشام عوضا من العراق ساعة قط، لان العراق أكثر من الشام حنطة وشعيرا وديباجا وحريرا وفضة وذهبا ووقرا ونسبا، وما الشام كلها إلا كجانب من جوانب العراق (3)، فقال له خالد: صدقت يا بشر (4)! إن العراق لعلى ما تقول، ولكن هذا كتاب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ورد علي وإنما أنا معين المسلمين على أعدائهم وراجع إليكم إن شاء الله ولا قوة إلا بالله، فكونوا أنتم ههنا على حالتكم التي أنتم عليها، فإن كفى الله مؤنة الروم عجلنا إليكم الكرة إن شاء الله تعالى، وإن أبطأت عنكم رجوت أنكم لم تعجزوا ولم تهنوا عن محاربة الفرس، ومع هذا فإني أرجو أن الخليفة لا يدعكم أن يمدكم بالخيل والرجال حتى يفتح الله عز وجل عليكم هذه البلاد، فلا تجزعوا ولا تهلعوا عن محاربة الفرس فإني أرجو لكم النصر من الله العزيز الحكيم.
قال: ثم دعا خالد بن الوليد بالمثنى بن حارثة الشيباني واستخلفه على العراق ثم جمع أصحابه الذين قدم بهم من الحجاز واليمامة فكانوا سبعة آلاف فارس، فخرج بهم خالد من الحيرة متوجها نحو الشام.
قال: وسار خالد حتى صار إلى الأنبار (5) ثم رحل من الأنبار فأخذ على قرية