دومة، وهو عنده كاتب يملي عليه، فقال: ألا نكتبك يا ابن حوالة؟ قلت: فيم يا رسول الله؟ فأعرض عني وأكب على كاتبه يملي عليه، ثم قال: ألا نكتبك يا ابن حوالة؟ قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله، فأعرض عني وأكب على كاتبه يملي عليه، ثم قال: ألا نكتبك يا ابن حوالة؟ قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله؟ فأعرض عني وأكب على كاتبه يملي عليه، قال: فنظرت فإذا في الكتاب عمر، فقلت: لا يكتب عمر إلا في خير، ثم قال: أنكبتك يا ابن حوالة؟ قلت: نعم، فقال: يا ابن حوالة، كيف تفعل في فتنة تخرج في أطراف الأرض كأنها صياصي نفر (1)؟ قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله، قال: فكيف تفعل في أخرى تخرج بعدها كأن الأولى منها انتفاجة أرنب؟ قلت: لا أدري ما خار الله لي ورسوله، قال: ابتغوا هذا، قال: ورجل مقفى حينئذ، قال: فانطلقت فسعيت وأخذت بمنكبه فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: هذا؟ قال: نعم، قال: فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله عنه (2) * وثبت في صحيح مسلم من حديث يحيى بن آدم عن زهير بن معاوية عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر أردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، وعدتم من حيث بدأتم، شهد على ذلك لحم أبي هريرة ودمه * وقال يحيى بن آدم وغيره من أهل العلم: هذا من دلائل النبوة حيث أخبر عما ضربه عمر على أرض العراق من الدراهم والقفزان، وعما ضرب من الخراج بالشام ومصر قبل وجود ذلك، صلوات الله وسلامه عليه * وقد اختلف الناس في معنى قوله عليه السلام: منعت العراق الخ، فقيل: معناه أنهم يسلمون فيسقط عنهم الخراج، ورجحه البيهقي (3)، وقيل: معناه أنهم يرجعون عن الطاعة ولا يؤدون الخراج المضروب عليهم، ولهذا قال: وعدتم من حيث بدأتم، أي رجعتم إلى ما كنتم عليه قبل ذلك، كما ثبت في صحيح مسلم: إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء (4) * ويؤيد هذا القول ما رواه الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة قال: كنا عند جابر بن عبد الله فقال: يوشك أهل العراق أن لا يجئ إليهم قفيز ولا درهم، قلنا: من أين ذلك؟ قال: من قبل العجم، يمنعون ذلك، ثم قال: يوشك أهل الشام أن لا يجئ إليهم دينار ولا مد، قلنا: من أين ذلك؟
قال: من قبل الروم، يمنعون ذلك، قال: ثم سكت هنيهة، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا، لا يعده عدا، قال الجريري: فقلت لأبي نضرة وأبي