ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ " ومصداق ذلك أيضا في قوله تعالى * (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) * [الأحزاب: 40] وفي الزبور صفة محمد صلى الله عليه وسلم بأنه ستنبسط نبوته ودعوته وتنفذ كلمته من البحر إلى البحر، وتأتيه الملوك من سائر الأقطار طائعين بالقرابين والهدايا، وأنه يخلص المضطر، ويكشف الضر عن الأمم، وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له، ويصلي عليه في كل وقت، ويبارك الله عليه في كل يوم، ويدوم ذكره إلى الأبد. وهذا إنما ينطبق على محمد صلى الله عليه وسلم * وفي صحف شعيا في كلام طويل فيه معاتبة لبني إسرائيل، وفيه فإني أبعث إليكم وإلى الأمم نبيا أميا ليس بفظ ولا غليظ القلب ولا سخاب في الأسواق، أسدده لكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، ثم أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى في ضميره، والحكمة معقولة، والوفاء طبيعته، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى ملته، والاسلام دينه، والقرآن كتابه، أحمد اسمه، أهدي به من الضلالة، وأرفع به بعد الخمالة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين القلوب المختلفة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس، قرابينهم دماؤهم، أنا جيلهم في صدورهم، رهبانا بالليل، ليوثا بالنهار * (ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) * [الحديد: 21] وفي الفصل الخامس من كلام شعيا: يدوس الأمم كدوس البيادر، وينزل البلاء بمشركي العرب، وينهزمون قدامه. وفي الفصل السادس والعشرين منه: ليفرح أرض البادية العطشى، ويعطي أحمد محاسن لبنان، ويرون جلال الله بمهجته * وفي صحف إلياس عليه السلام: أنه خرج مع جماعة من أصحابه سائحا، فلما رأى العرب بأرض الحجاز قال لمن معه:
انظروا إلى هؤلاء فإنهم هم الذين يملكون حصونكم العظيمة، فقالوا: يا نبي الله فما الذي يكون معبودهم؟ فقال: يعظمون رب العزة فوق كل رابية عالية. ومن صحف حزقيل: إن عبدي خيرتي أنزل عليه وحيي، يظهر في الأمم عدلي، اخترته واصطفيته لنفسي، وأرسلته إلى الأمم بأحكام صادقة. ومن كتاب النبوات: أن نبيا من الأنبياء مر بالمدينة فأضافه بنو قريظة والنضير، فلما رآهم بكى، فقالوا له: ما الذي يبكيك يا نبي الله؟ فقال: نبي يبعثه الله من الحرة، يخرب دياركم ويسبي حريمكم، قال: فأراد اليهود قتله فهرب منهم. ومن كلام حزقيل عليه السلام:
يقول الله: من قبل أن صورتك في الأحشاء قدستك وجعلتك نبيا، وأرسلتك إلى سائر الأمم.
وفي صحف شعيا أيضا، مثل مضروب لمكة شرفها الله: افرحي يا عاقر بهذا الولد الذي يهبه لك ربك، فإن ببركته تتسع لك الأماكن، وتثبت أوتادك في الأرض وتعلو أبواب مساكنك، ويأتيك ملوك الأرض عن يمينك وشمالك بالهدايا والتقادم، وولدك هذا يرث جميع الأمم، ويملك سائر المدن والأقاليم، ولا تخافي ولا تحزني فما بقي يلحقك ضيم من عدو أبدا، وجميع أيام ترملك تنسيها. وهذا كله إنما حصل على يدي محمد صلى الله عليه وسلم. وإنما المراد بهذه العاقر مكة، ثم صارت كما ذكر في هذا الكلام لا محالة. ومن أراد من أهل الكتاب أن يصرف هذا ويتأوله على بيت المقدس وهذا لا يناسبه من كل وجه والله أعلم * وفي صحف أرميا: كوكب ظهر من الجنوب، أشعته