قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم رفع يديه نحو السماء وقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مرئيا مريعا سريعا غدقا طبقا عاجلا غير رائث، نافعا غير ضار تملأ به الضرع، وتنبت به الزرع، وتحيى به الأرض [بعد موتها] وكذلك تخرجون. قال: فوالله ما ورد يده إلى نحره حتى ألقت السماء بأوراقها (1)، وجاء أهل البطانة يصيحون: يا رسول الله الغرق الغرق، فرفع يديه إلى السماء وقال: اللهم حوالينا ولا علينا، فانجاب السحاب عن المدينة حتى أحدق بها كالإكليل فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ثم قال: لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه، من ينشد قوله؟ فقام علي بن أبي طالب فقال: يا رسول الله كأنك أردت قوله:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نقاتل دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل قال: وقام رجل من بني كنانة فقال:
لك الحمد والحمد ممن شكر * سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة * إليه وأشخص منه البصر فلم يك إلا كلف (2) الرداء * وأسرع حتى رأينا الدرر رقاق العوالي عم البقاع (3) * أغاث به الله عينا مضر وكان كما قاله عمه * أبو طالب أبيض ذو غرر به الله يسقي بصوب الغمام * وهذا العيان كذاك الخبر فمن يشكر الله يلقى المزيد * ومن يكفر الله يلقى الغير قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يك شاعر يحسن فقد أحسنت * وهذا السياق فيه غرابة ولا يشبه ما قدمنا من الروايات الصحيحة المتواترة عن أنس فإن كان هذا هكذا محفوظا فهو قصة أخرى غير ما تقدم والله أعلم. وقال الحافظ البيهقي: أنا أبو بكر بن الحارث الأصبهاني، ثنا أبو محمد بن حبان، ثنا عبد الله بن مصعب، ثنا عبد الجبار، ثنا مروان بن معاوية، ثنا محمد بن أبي ذئب المدني عن عبد الله بن محمد عمر بن حاطب الجمحي، عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السلمي قال: لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أتاه وفد بني فزارة فيهم بضعة عشر رجلا فيهم