خارجة بن الحصين، والحر بن قيس - وهو أصغرهم - ابن أخي عيينة بن حصن، فنزلوا في دار رملة بنت الحارث من الأنصار، وقدموا على إبل ضعاف عجاف وهم مسنتون، فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرين بالاسلام، فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بلادهم قالوا: يا رسول الله، أسنتت بلادنا، وأجدبت (1) أحياؤنا، وعريت عيالنا، وهلكت مواشينا، فادع ربك أن يغيثنا، وتشفع لنا إلى ربك ويشفع ربك إليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحان الله، ويلك، هذا ما شفعت إلى ربي، فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه، لا إله إلا الله وسع كرسيه السماوات والأرض وهو يئط من عظمته وجلاله كما يئط الرجل الجديد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يضحك من شفقتكم وأزلكم (2) وقرب غياثكم، فقال الأعرابي: ويضحك ربنا يا رسول الله؟ قال: نعم، فقال الأعرابي: لن نعدم يا رسول الله من رب يضحك خيرا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر وتكلم بكلام، ورفع يديه - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شئ من الدعاء إلا في الاستسقاء - ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، وكان مما حفظ من دعائه: اللهم اسق بلدك وبهائمك، وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا مغيثا مريئا مريعا طبقا واسعا عاجلا غير آجل نافعا غير ضار، اللهم سقيا رحمة ولا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا على الأعداء، فقام أبو لبابة بن عبد المنذر، فقال: يا رسول الله إن التمر في المرابد، فقال رسول الله: اللهم اسقنا، فقال أبو لبابة: التمر في المرابد، ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عريانا فيسد ثعلب مربده بإزاره، قال: فلا والله ما في السماء من قزعة ولا سحاب وما بين المسجد وسلع من بناء ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت وهم ينظرون ثم أمطرت، فوالله ما رأوا الشمس ستا، وقام أبو لبابة عريانا يسد ثعلب مربده بإزاره لئلا يخرج التمر منه، فقال رجل: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فدعا ورفع يديه حتى رئي بياض إبطيه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب وبطون الأودية، ومنابت الشجر، فانجابت السحابة عن المدينة كانجياب الثوب (3).
وهذا السياق يشبه سياق مسلم الملائي عن أنس، ولبعضه شاهد في سنن أبي داود، وفي حديث أبي رزين العقيلي شاهد لبعضه والله أعلم. وقال الحافظ أبو بكر البيهقي في الدلائل: أنا أبو بكر محمد بن الحسين بن علي بن المؤمل، أنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ، أنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، ثنا محمد بن حماد الظهراني، أنا سهل بن عبد الرحمن المعروف بالسدي بن عبدويه عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أويس المدني عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب عن أبي