يعلى الليثي أن بكير بن شداخ الليثي كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فاحتلم فأعلم بذلك رسول الله وقال:
إني كنت أدخل على أهلك وقد احتلمت الآن يا رسول الله، فقال " اللهم صدق قوله، ولقه الظفر " فلما كان في زمان عمر قتل رجل من اليهود، فقام عمر خطيبا فقال: أنشد الله رجلا عنده من ذلك علم؟ فقام بكير فقال: أنا قتلته يا أمير المؤمنين. فقال عمر بؤت بدمه فأين المخرج؟ فقال يا أمير المؤمنين إن رجلا من الغزاة استخلفني على أهله، فجئت فإذا هذا اليهودي عند امرأته وهو يقول:
وأشعث غره الاسلام مني * خلوت بعرسه ليل التمام أبيت على ترائبها ويمسي * على جرد الأعنة والحزام (1) كأن مجامع الربلات منها * فئام ينهضون إلى فئام (2) قال فصدق عمر قوله وأبطل دم اليهودي بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم. لبكير بما تقدم.
ومنهم رضي الله عنهم بلال بن رباح الحبشي. ولد بمكة وكان مولى لأمية بن خلف، فاشتراه أبو بكر منه بمال جزيل لان كان أمية يعذبه عذابا شديدا ليرتد عن الاسلام فيأبى إلا الاسلام رضي الله عنه، فلما اشتراه أبو بكر أعتقه ابتغاء وجه الله، وهاجر حين هاجر الناس، وشهد بدرا وأحدا وما بعدهما من المشاهد رضي الله عنه. وكان يعرف ببلال بن حمامة وهي أمه، وكان من أفصح الناس لا كما يعتقده بعض الناس أن سينه كانت شينا، حتى إن بعض الناس يروي حديثا في ذلك لا أصل له عن رسول الله أنه قال: إن سين بلال شينا. وهو أحد المؤذنين الأربعة كما سيأتي، وهو أول من أذن كما قدمنا. وكان يلي أمر النفقة على العيال، ومعه حاصل ما يكون من المال. ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيمن خرج إلى الشام للغزو، ويقال إنه أقام يؤذن لأبي بكر أيام خلافته (3)، والأول أصح وأشهر. قال الواقدي: مات بدمشق سنة عشرين وله بضع وستون سنة. وقال الفلاس قبره بدمشق، ويقال بداريا (4)، وقيل إنه مات بحلب، والصحيح أن الذي مات بحلب أخوه خالد. قال مكحول حدثني من رأى بلال قال كان شديد الأدمة نحيفا أجنأ (5) له شعر كثير، وكان لا يغير شيبه رضي الله عنه.
ومنهم رضي الله عنهم حبة وسواء ابنا خالد (6) رضي الله عنهما. قال الإمام أحمد: حدثنا أبو