البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٥ - الصفحة ٣٥٧
فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني، قال فقلت أسأل رسول الله لآخرتي فإنه من الله بالمنزل الذي هو به، قال فجئته فقال: " ما فعلت يا ربيعة؟ " قال فقلت: نعم يا رسول الله أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار، قال " فقال من أمرك بهذا يا ربيعة؟ " قال فقلت لا والذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد، ولكنك لما قلت سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري فعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة، وأن لي فيها رزقا سيأتيني، فقلت أسأل رسول الله لآخرتي. قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال لي " إني فاعل فأعني على نفسك بكثر السجود " وقال الحافظ أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة، أنبأنا يزيد بن هارون، ثنا مبارك بن فضالة، ثنا أبو عمران الجوني، عن ربيعة الأسلمي - وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم - قال فقال لي ذات يوم " يا ربيعة ألا تزوج؟ " قال قلت يا رسول الله ما أحب أن يشغلني عن خدمتك شئ، وما عندي ما أعطي المرأة. قال فقلت بعد ذلك رسول الله أعلم بما عندي مني يدعوني إلى التزويج، لئن دعاني هذه المرة لأجيبنه. قال فقال لي " يا ربيعة ألا تزوج؟ " فقلت يا رسول الله ومن يزوجني؟ ما عندي ما أعطي المرأة. فقال لي انطلق إلى بني فلان فقل لهم إن رسول الله يأمركم أن تزوجوني فتاتكم فلانة، قال: فأتيتهم، فقلت إن رسول الله أرسلني إليكم لتزوجوني فتاتكم فلانة، قالوا: فلانة؟ قال:
نعم، قالوا مرحبا برسول الله ومرحبا برسوله، فزوجوني فأتيت رسول الله فقلت يا رسول الله أتيتك من خير أهل بيت صدقوني وزوجوني، فمن أين لي ما أعطي صداقي؟ فقال رسول الله لبريدة الأسلمي " اجمعوا لربيعة في صداقه في وزن نواة من ذهب " فجمعوها فأعطوني فأتيتهم فقبلوها، فأتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله قد قبلوا فمن أين لي ما أولم؟ قال فقال رسول الله لبريدة " اجمعوا لربيعة في ثمن كبش " قال فجمعوا وقال لي " انطلق إلى عائشة فقل لها فلتدفع إليك ما عندها من الشعير " قال فأتيتها فدفعت إلي، فانطلقت بالكبش والشعير فقالوا أما الشعير فنحن نكفيك، وأما الكبش فمر أصحابك فليذبحوه، وعملوا الشعير فأصبح والله عندنا خبز ولحم، ثم إن رسول الله أقطع أبا بكر أرضا له فاختلفنا في عذق، فقلت هو في أرضي. وقال أبو بكر هو في أرضي، فتنازعنا فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها، فندم فأحضرني فقال لي قل لي كما قلت، قال:
فقلت لا والله لا أقول لك كما قلت لي، قال إذا آتي رسول الله. قال: فأتى رسول الله وتبعته فجاءني قومي يتبعونني فقالوا: هو الذي قال لك، وهو يأتي رسول الله فيشكو؟ قال: فالتفت إليهم فقلت تدرون من هذا، هذا الصديق وذو شيبة المسلمين، أرجعوا لا يلتفت فيراكم فيظن أنكم إنما جئتم لتعينوني عليه فيغضب، فيأتي رسول الله فيخبره فيهلك ربيعة. قال: فأتى رسول الله فقال: إني قلت لربيعة كلمة كرهتها، فقلت له يقول لي مثل ما قلت له فأبى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا ربيعة ومالك وللصديق؟ " قال: فقلت: يا رسول الله والله لا أقول له كما قال لي، فقال رسول الله " لا تقل له كما قال لك، ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر " (1).

(1) كان ربيعة من أهل الصفة لم يزل مع النبي صلى الله عليه وآله حتى قبض فخرج من المدينة فنزل في بلاد أسلم على بريد من المدينة وبقي إلى أيام الحرة - أيام يزيد بن معاوية - ومات بالحرة سنة ثلاث وستين في ذي الحجة (الإصابة - أسد الغابة).
(٣٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 362 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 سنة تسع من الهجرة 5
2 ذكر غزوة تبوك في رجب منها 5
3 فصل 8
4 فيمن تخلف معذورا من البكائين وغيرهم 8
5 فصل 10
6 مروره (ص) في ذهابه إلى تبوك بمساكن ثمود بالحجر 14
7 نخلة هناك 17
8 الصلاة على معاوية بن أبي معاوية 18
9 قدوم رسول قيصر إلى رسول الله (ص) بتبوك 19
10 مصاحبته (ع) ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح قبل رجوعه من تبوك 21
11 بعثه (ع) خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة 21
12 فصل 23
13 قصة مسجد الضرار 26
14 ذكر أقوام تخلفوا من العصاة غير هؤلاء 32
15 ما كان من الحوادث بعد منصرفه من تبوك 33
16 قدوم وفد ثقيف على رسول الله (ص) 35
17 موت عبد الله بن أبي، قبحه الله 42
18 فصل 43
19 ذكر بعث رسول الله (ص) أبا بكر الصديق أميرا على الحج سنة تسع ونزول سورة براءة 44
20 فصل 47
21 كتاب الوفود الواردين إلى رسول الله (ص) 49
22 حديث في فضل بني تميم 55
23 وفد بني عبد القيس 56
24 قصة تمامة ووفد بني حنيفة ومعهم مسيلمة الكذاب 59
25 وفد أهل نجران 63
26 وفد بني عامر وقصة عامر بن الطفيل واربد بن مقيس 68
27 قدوم ضمام بن ثعلبة وافدا على قومه 72
28 فصل 74
29 وفد طيء مع زيد الخيل رضي الله عنه 74
30 قصة عدي بن حاتم الطائي 75
31 قصة دوس والصقيل بن عمرو 80
32 قدوم الأشعريين وأهل اليمن 81
33 قصة عمان والبحرين 82
34 وفود فروة بن مسيك المرادي إلى الله (ص) 83
35 قدوم عمرو بن معد يكرب في أناس من زبيد 84
36 قدوم الأشعث بن قيس في وفد كندة 85
37 قدوم أعشى بن مازن على النبي (ص) 86
38 قدوم رسول ملوك حمير إلى رسول الله (ص) 88
39 قدوم جرير بن عبد الله البجلي وإسلامه 91
40 وفادة وائل بن حجر بن ربيعة بن وائل بن يعمر الحضرمي بن هنيد أحد ملوك اليمن على رسول الله (ص) 93
41 وفادة لقيط بن عامر المنتفق أبي رزين العقيلي إلى رسول الله (ص) 94
42 وفادة زياد بن الحارث رضي الله عنه 97
43 وفادة الحارث بن حسان البكري إلى رسول الله (ص) 99
44 وفادة عبد الرحمن بن أبي عقيل مع قومه 99
45 قدوم طارق بن عبد الله وأصحابه 100
46 قدوم وافد فروة بن عمرو الجذامي صاحب بلاد معان 101
47 قدوم تميم الداري على رسول الله (ص) 101
48 في خروج النبي (ص) وإيمان من آمن به 102
49 وفد بني أسد 102
50 وفد بني عبس 103
51 وفد بني فزارة 103
52 وفد بني مرة 103
53 وفد بني ثعلبة 104
54 وفد بني محارب 104
55 وفد بني كلاب 104
56 وفد بني رؤاس من كلاب 105
57 وفد بني عقيل بن كعب 105
58 وفد بني قشير بن كعب 105
59 وفد بني البكاء 105
60 وفد كنانة 106
61 وفد أشجع 106
62 وفد باهلة 106
63 وفد بني سليم 107
64 وفد بني هلال بن عامر 107
65 وفد بني بكر بن وائل 108
66 وفد بني تغلب 108
67 وفادات أهل اليمن 108
68 وفد تجيب 108
69 وفد خولان 108
70 وفد جعفي 109
71 في قدوم وفد الأزد على رسول الله (ص) 109
72 ثم ذكر: وفد كندة 110
73 وفد الصدف 110
74 وفد خشين 110
75 وفد بني سعد 110
76 وفد السباع 111
77 فصل 112
78 سنة عشره من الهجرة 114
79 باب بعث رسول الله خالد بن الوليد 114
80 بعث رسول الله (ص) الأمراء إلى أهل اليمن 115
81 باب بعث رسول الله (ص) علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع 120
82 كتاب حجة الوداع في سنة عشر ويقال لها حجة البلاغ وحجة الإسلام وحجة الوداع 125
83 باب 126
84 باب 127
85 خروجه (ع) من المدينة لحجة الوداع بعد ما استعمل عليها أبا دجانة سماك بن حرشة الساعدي ويقال سباع بن عرفطة الغفاري 127
86 باب 129
87 صفة خروجه (ع) من المدينة إلى مكة للحج 129
88 باب 134
89 بيان الموضع الذي أهل منه (ع) واختلاف الناقلين لذلك وترجيح الحق في ذلك 134
90 باب 138
91 بسط البيان لما أحرم به (ع) في حجته هذه الأفراد والتمتع أو القران 138
92 ذكر ما قاله أنه (ص) حج متمتعا 141
93 ذكر حجة من ذهب إلى أنه (ع) كان قارنا 145
94 فصل 157
95 فصل 158
96 ذكر تلبية رسول الله (ص) 161
97 فصل 164
98 ذكر الأماكن التي صلى فيها (ص) وهو ذاهب من المدينة إلى مكة في عمرته وحجته 167
99 باب 169
100 دخول النبي (ص) إلى مكة شرفها الله عز وجل 169
101 صفة طوافه صلوات الله وسلامه عليه 171
102 ذكر رمله عليه الصلاة والسلام في طوافه واضطباعه 174
103 ذكر طوافه (ص) بين الصفا والمروة 178
104 فصل 183
105 فصل 184
106 فصل 185
107 فصل 185
108 فصل 186
109 فصل 192
110 ذكر ما نزل على رسول الله من الوحي في هذا الموقف 195
111 ذكر افاضته (ع) من عرفات إلى المشعر الحرام 195
112 فصل 199
113 ذكر تلبيته (ع) بالمزدلفة 202
114 فصل 202
115 ذكر رميه (ع) جمرة العقبة وحدها يوم النحر وكيف رماها ومتى رماها ومن أي موضع رماها وبكم رماها وقطعه التلبية حين رماها 204
116 فصل 206
117 صفة حلقه رأسه الكريم عليه الصلاة والتسليم 207
118 فصل 208
119 ذكر إفاضته (ص) إلى البيت العتيق 209
120 فصل 212
121 فصل 212
122 فصل 213
123 فصل 218
124 فصل 220
125 حديث الرسول (ص) يزور البيت كل ليلة من ليالي منى 222
126 فصل 222
127 فصل 226
128 فصل 227
129 سنة إحدى عشرة من الهجرة 233
130 فصل 234
131 في الآيات والأحاديث المنذرة بوفاة رسول الله (ص) وكيف ابتدئ رسول الله (ص) بمرضه الذي مات فيه 234
132 ذكر أمره (ع) أبا بكر الصديق رضي الله عنه أن يصلي بالصحابة أجمعين 252
133 إحتضاره ووفاته (ع) 257
134 فصل 257
135 في ذكر أمور مهمة وقعت بعد وفاته (ص) وقبل دفنه 264
136 قصة سقيفة بني ساعدة 265
137 اعتراف سعد بن عبادة بصحة ما قاله الصديق يوم السقيفة 268
138 فصل 270
139 فصل 275
140 في ذكر الوقت الذي توفي فيه 275
141 صفة غسله (ع) كيفية الصلاة عليه (ص) 280
142 صفة كفنه عليه الصلاة والسلام 283
143 كيفية الصلاة عليه (ص) 285
144 صفة دفنه عليه (ع) وأين دفن 286
145 آخر الناس به عهدا عليه الصلاة والسلام 290
146 متى وقع دفنه عليه الصلاة والسلام 291
147 صفة قبره عليه الصلاة والسلام 293
148 النبي (ص) 293
149 أبو بكر رضي الله عنه 293
150 عمر رضي الله عنه 293
151 ما أصاب المسلمين من المصيبة بوفاته (ص) 294
152 ما ورد من التعزية به عليه الصلاة والسلام 297
153 فصل 299
154 فيما روي من معرفة أهل الكتاب بيوم وفاته (ص) 299
155 فصل 300
156 فصل 301
157 باب 303
158 باب 306
159 بيان أنه (ع) قال لا نورث 306
160 بيان رواية الجماعة لما رواه الصديق وموافقتهم على ذلك 308
161 فصل 311
162 فصل 312
163 زوجاته صلوات الله وسلامه عليه وأولاده (ص) 312
164 فصل 322
165 فيمن خطبها (ع) ولم يعقد عليها 322
166 فصل 324
167 في ذكر سراريه (ع) 324
168 فصل 328
169 في ذكر أولاده عليه الصلاة والسلام 328
170 باب 332
171 ذكر عبيده عليه الصلاة والسلام وخدمه وكتابه وأمنائه 332
172 وأما إماؤه (ع) 346
173 فصل 353
174 وأما خدامه (ص) الذين خدموه من الصحابة من غير مواليه فمنهم انس بن مالك 353
175 فصل 361
176 أما كتاب الوحي وغيره بين يديه صلوات الله وسلامه عليه ورضي عنهم أجمعين 361
177 فصل 377