سنذكره في موضعه. أن رسول الله كان يزور البيت كل ليله من ليالي منى وهذا بعيد أيضا. والله أعلم. وقد روى الحافظ البيهقي: من حديث عمرو بن قيس، عن عبد الرحمن، عن القاسم، عن أبيه عن عائشة: أن رسول الله أذن لأصحابه فزاروا البيت يوم النحر ظهيرة، وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا. وهذا حديث غريب جدا أيضا. وهذا قول طاوس وعروة بن الزبير: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل. والصحيح من الروايات وعليه الجمهور أنه عليه السلام طاف يوم النحر بالنهار، والأشبه أنه كان قبل الزوال ويحتمل أن يكون بعده والله أعلم.
والمقصود أنه عليه السلام لما قدم مكة طاف بالبيت سبعا وهو راكب ثم جاء زمزم وبنوا عبد المطلب يستقون منها ويسقون الناس، فتناول منها دلوا فشرب منه وأفرغ عليه منه. كما قال مسلم: أخبرنا محمد بن منهال الضرير، ثنا يزيد بن زريع، ثنا حميد الطويل، عن بكر بن عبد الله المزني، سمع ابن عباس يقول وهو جالس معه عند الكعبة: قدم النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته وخلفه أسامة فأتيناه باناء فيه نبيذ فشرب وسقى فضله أسامة. وقال: أحسنتم وأجملتم هكذا فاصنعوا. قال ابن عباس فنحن لا نريد أن نغير ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية عن بكر أن أعرابيا قال لابن عباس: مالي أرى بني عمكم يسقون اللبن والعسل وأنتم تسقون النبيذ، أمن حاجة بكم أم من بخل؟ فذكر له ابن عباس هذا الحديث. وقال أحمد: حدثنا روح، ثنا حماد، عن حميد، عن بكر، عن عبد الله أن أعرابيا قال لابن عباس. ما شأن آل معاوية يسقون الماء والعسل، وآل فلان يسقون اللبن، وأنتم تسقون النبيذ. أمن بخل بكم أم حاجة؟ فقال ابن عباس ما بنا بخل ولا حاجة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا ورديفه أسامة بن زيد فاستسقى فسقيناه من هذا - يعني نبيذ السقاية - فشرب منه وقال أحسنتم هكذا فاصنعوا. ورواه أحمد: عن روح ومحمد بن بكر، عن ابن جريج، عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس، وداود بن علي بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس فذكره. وروى البخاري: عن إسحاق بن سليمان [حدثنا خالد] (1) عن خالد [الحذاء] (2) عن عكرمة عن ابن عباس. أن رسول الله جاء إلى السقاية فاستسقى فقال العباس: يا فضل اذهب إلى أمك (3) فأت رسول الله بشراب من عندها.
فقال: اسقني! فقال: يا رسول الله إنهم يجعلون أيديهم فيه. قال: اسقني! فشرب منه، ثم أتى زمزم وهم يسقون ويعملون فيها. فقال: اعملوا فإنكم على عمل صالح. ثم قال:
لولا أن تغلبوا لنزعت حتى أضع الحبل على هذه - يعني عاتقه - وأشار إلى عاتقه. وعنده من حديث عاصم عن الشعبي أن ابن عباس قال: سقيت النبي صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم. قال