إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للظعن. ورواه مسلم من حديث ابن جريج به فإن كانت أسماء بنت الصديق رمت الجمار قبل طلوع الشمس كما ذكر هاهنا عن توقيف فروايتها مقدمة على رواية ابن عباس لان إسناد حديثها أصح من إسناد حديثه، اللهم إلا أن يقال: إن الغلمان أخف حالا من النساء وأنشط فلهذا أمر الغلمان بأن لا يرموا قبل طلوع الشمس، وأذن للظعن في الرمي قبل طلوع الشمس لأنهم أثقل حالا وأبلغ في التستر. والله أعلم. وإن كانت أسماء لم تفعله عن توقيف فحديث ابن عباس مقدم على فعلها. لكن يقوي الأول قول أبي داود: ثنا محمد بن خلاد الباهلي، ثنا يحيى، عن ابن جريج أخبرني عطاء، أخبرني مخبر عن أسماء أنها رمت الجمرة بليل قلت: إن رمينا الجمرة بليل قالت: إنا كنا نصنع هذا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. وقال البخاري: ثنا أبو نعيم، ثنا أفلح بن حميد، عن القاسم بن (1) محمد، عن عائشة قالت: نزلنا المزدلفة فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم سودة أن تدفع قبل حطمة الناس - وكانت امرأة بطيئة - فآذن لها، فدفعت قبل حطمة الناس، وأقمنا نحن حتى أصبحنا، ثم دفعنا بدفعه، فلان أكون استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنت سودة أحب إلي من مفروح به. وأخرجه مسلم عن القعنبي عن أفلح بن حميد به.
وأخرجاه في الصحيحين من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة به. وقال أبو داود: ثنا هارون بن عبد الله، ثنا ابن أبي فديك عن الضحاك - يعني ابن عثمان - عن هشام بن عروة، عن أبيه عن عائشة. أنها قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو داود - يعني عندها -. انفرد به أبو داود وهو إسناد جيد قوي رجاله ثقات.
ذكر تلبيته عليه السلام بالمزدلفة قال مسلم: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا الأحوص، عن حصين عن كثير بن مدرك عن عبد الرحمن بن يزيد. قال: قال عبد الله ونحن بجمع سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام، لبيك اللهم لبيك.
فصل في وقوفه عليه السلام بالمشعر الحرام ودفعه من المزدلفة قبل طلوع الشمس وإيضاعه في وادي محسر قال الله تعالى * (فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام) * الآية [البقرة:
198] وقال جابر في حديثه: فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة، فدعا الله عز وجل وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا، ودفع قبل أن تطلع الشمس، وأردف الفضل بن عباس وراءه. وقال