له من شعر، فضربت له بنمرة (1) فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له [فركب] (2) فأتى بطن الوادي، فخطب الناس. وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة. وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن (3) ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. ورباء الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهم أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعده إن اعتصمتم به:
كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وأديت.
فقال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس، اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات. ثم أذن [بلال] (4) ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصوى إلى الصخرات (5) وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس، وذهبت الصفرة قليلا، حتى غاب القرص وأردف أسامة بن زيد خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام، حتى أن رأسها لتصيب مورك (6) رحله ويقول بيده اليمنى. أيها الناس السكينة السكينة. كلما أتى جبلا (7) من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا فحمد الله وكبره وهلله ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ودفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت ظعن بجرين، فطفق